عبدالله منتصر
مر علي افتتاحها 152 عاما ووصِفت بأنها شريان الخير لمصر والعالم، حيث قال عنها عالم الجغفرافيا الراحل الدكتور جمال حمدان بأنها نبض مصر، بعدما تلاقت مياه البحرين الأحمر والمتوسط في الثامن عشر من أغسطس لعام 1869، لتظهر قناة السويس بدورها المحوري علي مر العقود في حركة التجارة العالمية، والتي افتتحت في السابع عشر من نوفمبر للعام ذاته بحضور ستة آلاف مدعو في مقدمتهم الإمبراطورة أوجيني زوجة امبراطور فرنسا نابليون الثالث.
وتوالت الأحداث منذ اعلان الرئيس جمال عبدالناصر في 26 يوليو 1956 قرار تأميم قناة السويس، لتبدأ الهيئة اعتبارا من الأول من يناير عام 1958 في تنفيذ المرحلة الأولي من مشروع ناصر، بهدف زيادة القطاع المائي لها من 1250 مترا مربعا إلي 1800 متر مربع، وزيادة الغاطس المسموح به للسفن العابرة من 35 إلي 37 قدم، ليشهد عام 1958 وصول أسطول الكراكات الذي ضم الكراكة الماصة “15 سبتمبر” وشقيقتها “26 يوليو”، فيما تسارعت عملية التطوير عام 1961 الذي شهد انتهاء المرحلة الأولي من مشروع ناصر في 30 ابريل، والثانية فى أول سبتمبر، وفى ديسمبر من نفس العام تم وضع حجر الأساس لترسانة هيئة قناة السويس البحرية.
هذا وقد سُلٍطت الأضواء في 13 مارس من عام 1962 علي قناة السويس عندما عبرت أضخم ناقلة بترول في العالم “مانهاتن”، والتي سُجلت وقتها بأضخم سفينة عبرت القناة منذ انشائها، وكانت “مانهاتن” أمريكية الجنسية حمولتها القصوي 106500 طن، بينما بلغ طولها 286,7 مترا وعرضها 40,2 مترا، وغاطسها الأقصي 15,05 من الأمتار، وتضارع في ارتفاعها عمارة ذات عشرة طوابق، فيما احتفلت هيئة القناة في الثامن من اكتوبر لعام 1962 بعبور السفينة المائة الف، منذ تأميم الرئيس جمال عبد الناصر للقناة، وتلك السفينة المحتفي بها ناقلة البترول النرويجية “برج هس” التي تم بناؤها في ميناء ستافنجر بالنرويج سنة 1955، حيث يبلغ طولها 194 مترا وعرضها 26 مترا وعمقها 14 مترا وحمولتها الكلية 20990 طن.
وفى 14 أبريل 1964 انضمت إلي اسطول كراكات الهيئة الكراكة الجديدة “خوفو” وبنيت هذه الكراكة لحساب هيئة القناة، في اسكتلندا وهي شبيهة بشقيقاتها “26 يوليه” و”15 سبتمبر” و”تحتمس” وهي من الطراز الماص الطارد ذات حفار، غير أنها أكبر منهم حجما وأعظمها قدرة إذ تبلغ قوة آلاتها 8500 حصان ويمكنها تفتيت الصخور حتي عمق 21 مترا وامتصاصها وطردها يصل إلي مسافة ثلاثة كيلو مترات، لتتوالي بعد ذلك عبور ناقلات عملاقة ليشهد عام 1966 عبور اربعة سفن ضخمة للقناة .
وفي عام 1979 كانت بداية حفر تفريعة التمساح في 22 فبراير والتي بدأت من الكيلو متر 76,6 إلي الكيلو متر 81,7 بطول 5,1 كيلو متر، وتم افتتاحها عام 1980 لتحقق وقتها مع التفريعات الأخري ازدواج المجري الملاحي في مسافة 68 كيلو مترا من طول المجري البالغ 179 كيلو مترا من بورسعيد حتي بورتوفيق في السويس، والإحتفال في 19 مارس 1980، باتصال تفريعة بورسعيد بمياه البحر المتوسط، وهي التفريعة التي تبدأ من الكيلو متر 17 لتلتقي بالمجري القديم للقناة ببوغاز بورسعيد عند الكيلو متر 95، ثم تمتد حتي الكيلو متر 195 ليصل طولها النهائي إلي 36,5 كيلو مترا، وتحقق هذه التفريعة دخول وخروج السفن والناقلات الضخمة من وإلي القناة دون إعاقة الحركة بميناء بورسعيد.
يذكر أنه عند افتتاح القناة للملاحة في 1869، وصل طولها 164 كيلو مترا، وعرضها عند مستوي سطح المياه 52 مترا وعمقها 7 أمتار ونصف متر، وغاطس السفن المسموح به للعبور لا يزيد عن 22,5 قدما، حيث كانت الملاحة لا تتم في القناة إلا نهارا فقط طوال 18 عاما متصلة حتي أدخلت شركة القناة نظام الملاحة الليلية في مارس 1887.
وطوال الفترة ما بين فتح القناة الأولي وقيام مصر بتأميمها عام 1956 قامت شركة القناة المؤممة بتنفيذ العديد من برامج تحسين وتطوير قناة السويس، وكان من نتائج هذه المشروعات زيادة عمق القناة إلي 13 مترا ونصف المتر، وزيادة عرضها عند القاع من 22 مترا إلي 42 مترا، وزيادة القطاع المائي من 304 أمتار مربعة إلي 1250 مترا مربعا، والغاطس المسموح به من قدمين وربع إلي 35 قدما، ومع استمرار تطور صناعة السفن وبناء سفن أكبر فى الحجم والحمولة ظهر الاحتياج إلي تطوير قناة السويس وقد تم ذلك بمعرفة الشركة العالمية لقناة السويس البحرية حتي وصل غاطس السفن إلي 35 قدما، ومساحة القطاع المائي للقناة إلي 1200 متر مربع قبل تأميم القناة عام 1956.
وواصلت الهيئة تطوير القناة حيث زاد الغاطس إلي 38 قدما ومساحة القطاع المائي للقناة إلي 1800 متر مربع، لتنتهي هذه المرحلة في مايو 1962، ثم أعلنت إدارة القناة فى يونيو 1966 عن خطة طموحة للتطوير علي مرحلتين لتصل بالغاطس إلي 48 ثم 58 قدمًا علي التوالي، واستمرت الإدارة المصرية بعد ذلك فى مشروعات التطوير حتي بلغت حمولة السفينة المسموح بعبورها 210 ألف طن بكامل حمولتها، ووصل الغاطس إلى 62 قدما ومساحة القطاع المائي إلي 4800 متر مربع وطول القناة إلي 191.80 كم عام 2001.
أيضا فقد تم إعادة تصميم المسارات المنحنية في القناة ليصل نصف قطر كل منها إلي 5 آلاف متر علي الأقل، كما تم حفر تفريعة جديدة تبدأ من الكم 17 جنوب بورسعيد شمالا حتي البحر الأبيض المتوسط شرق مدينة بور فؤاد لتسمح للسفن المحملة والمتجهة شمالا للوصول إلي البحر بدون الدخول إلي ميناء بورسعيد، ووصول غاطس السفن المسموح لها عبور القناة إلي 66 قدما في 2010، ليستوعب جميع سفن الحاويات حتي حمولة 17 الف حاوية تقريبا فضلا عن عبور جميع سفن الصب من جميع أنحاء العالم.
وفي أغسطس 2014 قام الرئيس عبدالفتاح السيسي، بتدشين مشروع حفر قناة السويس الجديدة، من الكم 60 حتي الكم 95، إضافة إلي توسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبري بطول إجمالي 37 كم، ليصل إجمالي أطوال المشروع 72 كم، مما يحقق أكبر نسبة من الإزدواجية فى قناة السويس وزيادتها لنسبة 50% من طول المجري الملاحي، وتقليل زمن العبور الي 11 ساعة بعدما كانت 18 ساعة لقافلة الشمال، وتقليل زمن الإنتظار للسفن ليكون 3 ساعات في أسوء الظروف بدلا من 8 إلي 11 ساعة، مما ساعد علي وضع القناة كمركز لوجستي وصناعي عالمي متكامل يسعي إلى جعل الإقليم محورا مستداما ينافس عالميا في مجال الخدمات اللوجستية والصناعات المتطورة والتجارة والسياحة بعد افتتاحها في اغسطس 2015.
كانت قد حققت قناة السويس الجديدة انجازا جديدا لمصر والمصريين، حيث زادت القدرة التصريفية للقناة لتصل إلي 97 سفينة معيارية، مقارنة بحوالي 77 سفينة قبل افتتاح القناة الجديدة، اضافة الي العبور المباشر لعدد 45 سفينة في كلا الاتجاهين مع تقليل زمن العبور، والسماح للسفن حتي غاطس 66 قدم في كلا الاتجاهين خاصة فى ظل التزايد المستمر للسفن ذات الغاطس 45 قدم فأكثر، وهو ما ساهم في جذب السفن العملاقة في اسطول التجارة العالمي لعبور القناة.
كما حققت قناة السويس الجديدة الأمان الملاحي لوجود قناة بديلة تضمن عدم توقف الملاحة عند حدوث أي حادث طارئ، وتقليل عدد الانحناءات بالمجري الملاحي للقناة بما أدي الي زيادة معدلات الامان الملاحي للسفن العابرة للقناة، والحفاظ علي المركز التنافسي لقناة السويس عن طريق الإستمرار في تطوير المجري الملاحي للقناة في ظل مشاريع التطوير التي تتم في الطرق المنافسة والبديلة سواء البحرية منها أو البرية.
ولا زالت أعمال التطوير جارية علي قدم وساق، حيث يستهدف مشروع جديد في تطوير القطاع الجنوبي للمجري الملاحي للقناة “ازدواج المنطقة من الكيلومتر 122 إلى الكيلومتر 132 ترقيم قناة بطول 10 كيلو مترات” إضافة إلي توسعة وتعميق المنطقة الجنوبية لقناة السويس بدءا من الكيلومتر 132 الي الكيلومتر 162 ترقيم قناة بعرض 40 مترا وغاطس 72 قدم، والمخطط الإنتهاء منه قبل نهاية 2023.
من جهته أكد الفريق أسامة ربيع “رئيس هيئة قناة السويس” أن العمل جاري في تنفيذ ازدواج المجري الملاحي بمنطقة البحيرات المرة الصغري بطول10 كيلومترات من علامة الكيلومتر 122 حتي علامة الكيلومتر 132 ترقيم قناة، حيث تقدر أعمال التكريك في مشروع الازدواج بمنطقة البحيرات المرة الصغري بـ 45 مليون متر مكعب، بينما بلغت كميات التكريك المنفذة حتي يوليو الماضي مليونين و 158 ألف متر مكعب.
هذا وقد أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤخرا إلى زيادة إيرادات قناة السويس هذا العام بنحو 11% عن العام الماضي، بما يعادل 500 مليون دولار، مؤكدا قدرة القناة على التعافي، حيث تعد قناة السويس أحد أهم مصادر الدخل القومي المصري من العملات الأجنبية.
الجدير بالذكر ان شركة القناة للموانئ والمشروعات الكبرى تأسست عام 1965، وهى إحدى شركات هيئة قناة السويس، وتمتلك 11 كراكة بقدرات المختلفة، إضافة إلى عدد من القاطرات والأوناش البحرية من 40 إلى 120 طن، وصالات بحرية ووحدات معاونة ولنشات.
التعليقات متوقفه