الشاعرة السورية “ريما خضر” تروي حكاية الحضارة والألم عبر أدبها و تفتح النوافذ على تجربتها.. لـ “الجمهورية والعالم
الشعر مملكة علينا الحفاظ عليها مع مواكبة تطورات العصر…
حاورها – فرشوطي محمد.
في عالم الأدب السوري الراقي ينبض الإلهام والإبداع، وتتألق نجمةٌ متألقة ترسم لنا لوحة فنية بألوان الكلمات وأنغام الشعر. إنها الشاعرة والأديبة الرائعة، ريما خضر، التي تجمع بين روح الفنانة وعقل المهندسة في تآلفٍ مدهش.
تنقلنا ريما خضر في جولةٍ سحرية عبر صفحات التاريخ السوري العريق، ترسم لنا صورًا جميلة وحيّة عن حضارة سوريا العميقة وقدمائها الأوائل. من خلال قصائدها الشعرية، تبث الروح في تلك الأحداث التاريخية واللحظات المهمة، وتجسّد بكلماتها النبيلة جمال الهوية السورية وعُمق التراث الثقافي.
لم يكن دور الأدب والشعر أكثر أهمية من ذلك في إبراز تراث وثقافة سوريا الفريدة، فهي تحمل رسالةً إنسانيةً تجمع بين الماضي والحاضر، وتنقل معاني التضحية والصمود والأمل للعالم من خلال أعمالها المتميزة. تعكس ريما خضر أيضًا جوانب من واقع سوريا المعاصر وتلامس معاناة الشعب السوري وأحلامه وآماله.
تتطلع ريما خضر لمستقبلٍ مبهر في المجال الأدبي، حيث تحمل بين يديها خططًا طموحة لتقديم المزيد من الإبداع والفن. مشروع رواية جديدة وكتابة الأدب الطفولي والمسرحي، كل هذا يجسّد حماسها وعزيمتها في تقديم الجديد والمتميز.
تدعونا ريما خضر في هذه الحوارية المميزة عبر صفحات الجمهورية والعالم إلى عالمٍ من الإلهام والجمال، حيث سنتجول معها في عالم الأدب والشعر ونتعرف على أفكارها وإبداعاتها الفريدة. إنها نجمةٌ سورية تنير سماء الأدب وتزهو برقي الروح وعمق التفكير،
لنبدأ بالحديث عن مسيرتك الأدبية. كيف بدأت شغفك بالكتابة والشعر؟ وما هو دور الكتابة في حياتك؟
الكتابة مثل الموسيقا مثل أي فن من فنون الثقافة والإبداع تحلق في سماء أخرى حين تمنح لروحك جناحين لتطير فوق أرض الإبداع ،بالكتابة تُشغل روحك بما تُحب فتكتب للحب والحرب، في الحزن والفرح فالكتابة لا تحتاج إلى أكثر من أحلام نودعها في رؤانا لتكتمل بالنص المدهش.
بدأت الكتابة في سن مبكرة ساعدني حسي المرهف وشغفي بالمطالعة وقراءة الروايات والدواوين ولا ألتفت إلى الأسماء بقدر ما أنشغل بمحتوى النص الذي أقرأه .
عُرفت بأنك شاعرة موهوبة، مبروك على العديد من الجوائز التي حصلت عليها. كيف يؤثر هذا التقدير والاعتراف على إلهامك وإبداعك في الكتابة؟
الجوائز هي نوع من التقدير للكاتب ( العينية منها والمعنوية ) هذا وحسب الجهة المنظمة للمسابقة أو الجائزة وتوجهاتها وأهدافها لأنه يجب فصل السياسة عن الأدب أقصد لايجب رفض شاعر أو كاتب أو منجزه الأدبي لأنه من بلد كذا أو فكره كذا يجب أن يكون الأدب شعاره مثل الفن لأجل الفن.
الجوائز ترفع من قيمة الأديب وتزيد من رصيده الإبداعي وتعطيه دفعاً للأمام أكثر ليشتغل على نفسه برؤى جديدة بالنسبة لي وبحمد الله وشكره حصلت على جائزة صلاح هلال للقصة في مصر في عام ٢٠١٠ و أيضاً جائزة القلم الحر للإبداع عام ٢٠١٤ أيضا في مصر وهذا العام كنت ضمن القائمة الطويلة لحائزة بغداد للشعر 2023
بالإضافة إلى العديد من الجوائز الأخرى.
ما هي المواضيع والقضايا التي تفضلين الكتابة عنها في قصائدك؟ وهل تؤثر الأحداث الراهنة والتطورات الاجتماعية والسياسية على مواضيع شعرك؟
الكاتب هو إنسان قبل كل شيء غير أن هرموناته مرتفعة الحساسية عن الغير فتراه بصف لك مشهد الصباح وتفتح الوردة كما لو أنك في عالم الخيال .. قس على ذلك يوميات الحرب والسلم .. ونحن في سوريا في ظل الحرب الكونية لابد من الكآبة فقلت في دعوة مني للشعراء :
اكتبوا عن الشهداء
حتى لايقال يوماً
في الحروب
انهزم الشعراء.
الكتابة توثيق للحرب للتاريخ وللأجيال القادمة بل هي توثيق للمرحلة.
لديك العديد من الدواوين الشعرية المنشورة. هل يمكنك أن تخبرينا عن أحدث ديوان لك وموضوعاته وما الذي يميزه عن غيره من الدواوين؟
حتى لحظة إعداد هذا الحوار رصيدي من الكتب ثماني مجموعات شعرية
اثنتان منها عن وزارة الثقافة السورية ( الهيئة العامة للكتاب) وآخرها عن دار المتن في بغداد / العراق كل الدواوين هي بنات فكر الكاتب وكلها قريبة إلى قلبه وروحه فتجد انتماء القصيدة إلى وطنها أي مجموعتها متجذر في روح الشاعر
ربما تغلب قصيدة على أختها في القرب منك ولكن هذا لايقلل من مشاعرك تجاها.
بالنسبة لكونك مهندسة، هل تجمع بين الكتابة والهندسة في حياتك اليومية؟ وهل يؤثر هذا التنوع المهني على إلهامك الشعري؟
درست الهندسة لأنها قيمة علمية واجتماعية في مجتمعنا ولا أجد ابتعاداً بها عن الشعر والأدب على العكس تماماً كما يقال بعرف النقيض بنقيضه، حين تكون دراستك علمية وموهبتك الأدبية الكتابة هنا يكون الإبداع مضاعفاً فترسم جوائز مبتكرة للخيال العلمي الذي ستبني عليه هيكل القصيدة.
أنا مهندسة في مؤسسة المياه ومجال عملي في قسم تنفيذ مشاريع التجهيزات من مضخات وغيرها يعني هناك تنسيق بين المحورين العلمي العملي والأدبي ،كلاهما يحتاج إلى الإبداع.
أنتِ عضو في اتحاد الكتاب العرب، كيف ترى دور الأدب والثقافة في تعزيز الوعي الاجتماعي والثقافي في المجتمعات العربية؟
أنا عضو في اتحاد الكتاب العرب منذ أكثر من تسع سنوات وربما حين انتسابي وقبولي كنت أصغر الأعضاء سناً
كلفت مؤخراً بأمانة سر المكتب الفرعي اتحاد الكتاب العرب في حمص وهيئة المكتب الفرعي لكل فرع تتألف من ٣ أعضاء تنطبق عليهم شروط معينة مهمتها تنظيم النشاطات وتقديم الوجه الثقافي اللائق من دعوة للأدباء وتنظيم مهرجانات بالاضافة الى دور المكتب في رعاية الأدباء الشباب وهناك جوائز سنوية لأدب الشباب من غير الأعضاء فيه.
دور الاديب والمثقف مضاعف فالإنسان العادي غير مسؤول عن تقديم أكثر من واجباته الحياتية أما الأديب فهمه الوطني والمجتمعي أكبر فالكتابة وحدها لا تعطيك المادة لتعيش بالمستوى اللائق أو لتسافر وتشارك في نشر الفكر والثقافة السورية فكلنا نعرف أنه ليس بالحرف والكتابة وحدها يحبا الإنسان .. ولانستطيع الانفصال عن الواقع فالعمل الوظيفي أولا وأخيراً كي نسد رمقنا ونستمر بالكتابة.
من المؤلفين أو الشعراء الذين يكونون مصدر إلهام لك؟ وهل هناك أعمال أدبية أو شعرية أثرت فيك بشكل كبير؟
تأثرت بنزار قباني والماغوط ورياض صالح الحسين وأدونيس وأيضا البردوني ومحمود درويش و أمل دنقل …والسياب وممدوح عدوان وطاغور ….وغيرهم وكنت أقرأ لشعراء غير عرب ترجمت أعمالهم للعربية .
الاطلاع على ثقافات وتجارب شعراء البلدان الأخري جدا مهم يأخذ الكاتب في قطار الأفكار عبر أنفاق جديدة ربما تكون عتمتها نورا للنص الجديد.
الهوية السورية لها طابع خاص فتجليات الكتابة عند الأدباء هنا تحلق في سموات لايصلها الآخرون ( مع تقديرنا لتجارب الجميع وإبداعاتهم) ربما الهواء وربما عطر الياسمين الفواح يضيف إلينا طابعا خاصا.
أحد الأشياء المميزة عنك هي قدرتك على الكتابة بأصابع روحك. هل يمكنك أن تشرحي لنا ما تعنيه هذه الجملة وكيف تؤثر هذه القدرة على عملك الأدبي؟
تعقيبا على سؤالك حول الكتابة بأصابع الروح
نعم أنا أقصد العبارة بعينها فليس كل نظم هو شعر يصلك إحساسه ليس كل كلام هزلي هو يقولب في آلة الشعر .
فأحياناً تستمع لنصوص لايبقى في ذهنك الباطني بعد الأمسية حرفا ،الشعر هو مملكة علينا الحفاظ عليها مع مواكبة تطورات العصر فمن غير الممكن أن تفرض على هذا الجيل قصيدة “مكر مفر مقبل مدبر معًا · مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعًا · كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ” بل علمه أصول الشعر من موسيقا ووزن وهو بحوزته الأدوات ودعه ينطلق بالمسار الذي بجد فيه نفسه محلقاً.
أنا مع كل أصناف الشعر ولا أقف عند أحدها دون سواها ، وأينما أحد نفسي وتحدني القصيدة أكتب لا مشكلة عندي في انتماء القصيدة إلى القديم أو الحديث أو الحداثة والنثر ولكن أقف أن مايطرح على فنه شعر وهو ليس سوى حروف مصطفة حول العنوان.
بصفتك شاعرة سورية، كيف ترى دور الأدب والشعر في إبراز الهوية السورية وتوثيق التاريخ والثقافة السورية؟
الحضارة السورية عميقة وقديمة متجذرة في التاريخ منذ آلاف السنين فأول أبجدية من سورية ( أوغاريت) ونحن نحمل رسالة الحضارة لنطلع عليها شعوب العالم عبر الشعر والأدب والموسيقا وكل أصناف الفنون التي تجمع الجميع على المحبة والسلام توثيق يوميات الحرب في مجموعات شعرية أو قصصية أو روايات أو نوتات موسيقية او حتى من خلال نص مسرحي فمهمة الأديب تعريف وإطلاع الآخر الذي يحعل مايحدث على أرضنا إلا ما ينقله الإعلام عبر قنوات بات الغالبية يعرف هدفها المؤدلج.. أتمنى بصفتي شاعرة سورية أن أكون قد أوصلت بقصائدي وقصصي وعبر صفحتي على الفيسبوك ا الصورة الواضحة التي نعاني منها لأننا وحدنا من يتوجع .
أخيرًا، ما هي خططك المستقبلية في المجال الأدبي؟ هل يوجد مشروع جديد أو ديوان قادم نترقبه منك؟
لا أحب كثيراً أن أتحدث عن خططي المستقبلية لأنني أحب دائماً ترك خصوصية الأمر لذاتي والكتمان،
ولكنني لا أخفيك في ذهني مشروع رواية وأحب ان أبدأ تجربتي في الكتابة بأدب الأطفال ، وربما أدخل في غمار تجربة الكتابة للمسرح.
في حوزتي ثماني مجموعات شعرية مطبوعة وآخر مخطوط ولدي الكثير من المقالات بعضها نشر وبعضها لا وأيضاً بعض المجموعات القصصية.
في النهاية أشكرك وأشكر موقع الجمهورية والعالم علي هذا الحوار الممتع .
حوارات اخري
الدكتورة عايدة الجوهري لـ«الجمهورية والعالم»: نوال السعداوي عززت فيّ روح التمرد
الجمهورية والعالم تحاور الشاعرة اللبنانية وفاء أخضر
” جريدة الجمهورية والعالم ” تحاور الشاعرة والاديبة اللبنانية نسرين بلوط
الجمهورية والعالم تحاور المخرجة الكويتية فرح الهاشم
الجمهورية والعالم تلتقي بفنانة الكاريكاتير الكويتية سارة النومس
الجمهورية والعالم تحاور الشاعر الجزائري علاء الدين قسول
[…] حوارات اخري الشاعرة السورية “ريما خضر” تروي حكاية الحضارة والألم … […]
[…] الشاعرة السورية “ريما خضر” تروي حكاية الحضارة والألم … […]