بين أحبارٍ وأسفار

644

مقولة نسمعها ، أو ربما نرددها ، قد مرً قطار العمر أو بالأحرى ” ما بقي من العمر قدر ما مضى ” ، أو ربما نُقنع أنفسنا بأننا كبرنا على هذا وذاك … هنا يبدأ ذاك العراك ، عراك الروح مع كبرياء النفس . .
يُجهدنا التفكير والتعليل ..
أ يعقل بأن نوقف الزمن عند فصل من أعمارنا ..!؟
أم هل يُباح لنا بأن ننهي مطافنا عند مرفأ ربما يكون هشا يحتاج إلى من يسنده ، بل يحتاج إلى من يرممه ويجعله أهلا لمن فيه .. !؟
اتكأنا دوما على أوهام قد غزت أرواحنا فظلمناها ، عاثت تلك الأوهام بين النبض والفكر لتنهي مشاعر إنسان ما زال حيّا
قد يصل بنا المطاف إلى إيصاد بوابة قلوبنا الغافية بين أهداب الوجود ، لتعلن بأنها تنتظر الأجل بحجة أن العمر قد أفل ، أو أنها اكتفت من جروح غائرة أو خُذلت من بين دروب السفر وتناست بأن الأعمار بيد الرحمن الرحيم ، وعليها بأن تحيا حتى آخر الرمق ..
عراك بين النبض والفكر ، لا العقل يُهزم ولا النبض ينتصر ، وتبقى حائرا بين هذا وذاك فلا الفكر منصفك ولا الفؤاد قد يرحمك ، يحنو بنبضه عليك كزهرة عانقها الفراش، يناديك ، يهمس بين حناياك .. يا أنا .. أنصت لقلبك وتلقًف مزنه فلن تندم ..
نحيا بين أروقة الماضي وما قد أساء بين صفحات رحلتنا .. لنخط أسفار حاضر استباح الخوف مرافئه من سيكون لتبحر بنا شطآن مستقبل لأيام معدودة .. هل سنكون !؟ …
وفي لحظة بين ليلة وضحاها ، بل بين سكينة الفؤاد وغفلة منه ، يثور ذلك الصغير الذي يقبع أسيرا بين أضلاعنا في أيسرنا ، ليعلن تمرده على ذلك الاعتقاد البائس والذي نُصر عليه برثاء ذلك النبض وكبحه عن حق دوما يبتغيه ..
تلك التقاليد عبثية نحن من جعلناها منهاجا لنفوسنا بعد اغتيالنا لمشاعرنا التي حرمناها النبض ..
يثور ذلك الصغير وينتفض بقوة ليصدح بأنه على حق وها هي أركانه قد زارها الربيع بخريف فصوله ، نبض ذلك الصغير أخيرا ولكنه عن نبض عمر بأكمله ..
يعزف على أوتار الحياة لحنا يستمد منه زفراته ، بكل الصمت ما بين السماء والأرض يُجلي الضباب عن غزو تجلّى في ثنايه ، غزو من جمان ، رفع ذلك القلب رايته وكأنه لم يكن يوما …
يهيم حينا ، ويضيع بين صفحات الأحبار ، يعانده البنان ، وترتجف الشفاه وتعقم عن ولادة تلك الحروف التي تُبتلى بالبكم دوما أمام مَن اغتال النوم من جفنه، وأزاح الستار عن مولود استكان عُمرا في محرابه ، وأمام مَن فك قيد سِفر من أسفار العمر بين خلجان الترنح في وادي اللامعقول ..
وما بين حفاوة اللقاء والهيام ، وما بين الخضوع والاستسلام لنداء ذلك الصغير ، تراودنا النفس ، فترسل رسولها للقصاص من تلك المشاعر التي صحت من سبات عميق ليبدأ الاستدرار ..
أ يعقل أن تجافي العيون أجفانها ويصيبها الأرق ، وينبض الفؤاد وتهتز الروح في أعماقها ؟! ..
أ يحق لك أيتها البسمة الواجلة بأن تكوني مرسومة على شفاه قلب عشق بعدما سُلب العمر وانقضى ،..
أيحق لمن زاره الهوى بأن يحب بعدما ضاع منه السنا …
هو ذاك الحب الذي فُطرنا عليه ، هو ذاك النبض الذي قد يُميت فينا الحياة ونحن ما زلنا أحياء .. بل على هامش الحياة ..
ليتنا نحيا بقلوبنا قبل عقولنا ، فما أجمل بأن ترى الكون بعين المحب .. وما أجمل أن تتنفس الكون بنبض الحب لترى الكون بألوان الجمال التي لم تكن تدركها من قبل ، والأجمل بأن تحيا حياتك بكل مراحلها منذ نشأتك إلى شيخوختك ، لأننا نحب الحياة بكل تفاصيلها ..
وما زالت أعمارنا أمامنا بحفظ من الرحمن ، حتى يأتي لقاؤها ، فلا تجعل دمعتك سخيّة ، واحلل عقدة فؤادك ولا تجعلها عصية ، لتنسج لوحتك بألوانك الزهيّة ، وتُعطرها بشذا الزهور الندية …

..وتبقى دوما لحكايانا بقية ..
# نجلاء جميل #
فلسطين

Visited 5 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه