“تحليل انتخابات تركيا: الديمقراطية تنتصر وسط تحولات سياسية واقتصادية ملموسة”
سارة غنيم
انتخابات تركيا: هزيمة مدوية لحزب أردوغان وانتصار لحزب الشعب الجمهوري في الانتخابات المحلية”
المقدمة:
شهدت الانتخابات المحلية في تركيا يوم 31 مارس 2024، انتصاراً ساحقاً لحزب الشعب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي (CHP)، ممثلاً في فوز إمام أوغلو، وذلك بعد خسارة حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، نحو 4 ملايين صوت.
التفاصيل:
في مشهد سياسي ملفت، جاءت نتائج الانتخابات لتشير إلى انتشار واسع لموجة حمراء ضخمة عبر مناطق تركيا، بما في ذلك مضيق البوسفور وغرب الأناضول وسواحل بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط. فقد انتزع حزب الشعب الجمهوري الفوز في 36 مقاطعة مقابل 23 محافظة لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
من جانبه، يعد إمام أوغلو السياسي الوحيد الذي تمكن من هزيمة حزب أردوغان أربع مرات، حيث فاز بمناطق كانت سابقاً تحت سيطرة حزب العدالة والتنمية، وذلك في عام 2014 ومرتين في عام 2019 والآن في عام 2024.
تجدر الإشارة إلى أن العديد من الإجراءات الجنائية المرفوعة ضد إمام أوغلو، بالإضافة إلى العرقلة المستمرة لرئيس الدولة ضد الإدارات المحلية في أيدي المعارضة، ساهمت في إلحاق خسائر كبيرة بحزب أردوغان.
النتائج:
بعد هذا الفوز الكبير، أصبح معظم الاقتصاد التركي وثلثي سكان البلاد يخضعون لقيادة رؤساء بلديات جمهوريين من حزب الشعب الجمهوري. وبحسب النتائج، فاز حزب الشعب الجمهوري بالعديد من المناطق في بعض المحافظات التي لم يحقق فيها أي فوز منذ عام 1989.
تشير استطلاعات الرأي في 31 مارس إلى حدود قدرة رئيس الدولة على التقدم، حيث وجد حزب العدالة والتنمية نفسه في مراكز حضرية كبيرة خسرها في عام 2019، وحقق نتيجة انتخابية سيئة جدًا تاريخيًا لم يشهدها خلال 22 عامًا من حكم أردوغان، واستقرت نسبته حوالي 35.4٪. يُعزى هذا الانخفاض الكبير في التأييد بشكل أساسي إلى الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بتركيا منذ عام 2013، مع معدلات تضخم مرتفعة للغاية.
بجانب النتائج الفورية للانتخابات المحلية في تركيا، يتضح أن جغرافية الأحزاب السياسية في البلاد قد شهدت تحولاً جذرياً. فقد انقلبت خريطة تصويت البلاد رأساً على عقب، مع تعاظم دور الحزب الجمهوري في مناطق شرقية لم يكن لها تاريخ سابق مع هذا الحزب. وبالمقابل، بدأت الأحزاب القومية اليمينية في فقدان قاعدتها وتراجع تأثيرها، خاصة بعد هزيمة تحالف الأمة المسجلة في الانتخابات السابقة.
اقرأ أيضا:“انتصارات المعارضة التركية: رجب طيب أردوغان يعترف بفقدان جزء من شعبيته في الانتخابات”
دلالات فوز إمام اوغلو
انتصار إمام أوغلو، عمدة إسطنبول الكاريزمي، له دلالات عميقة. فقد أعاد إلى الحياة آمال الملايين في تركيا، وحقق فوزاً بارزاً يعكس تحولاً في القوى السياسية بالبلاد. يُعزز هذا الانتصار موقفه كزعيم فعلي للمعارضة، ويعطيه فرصاً أكبر في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2028.
أسباب فشل حزب أردوغان
وفيما يتعلق بالسبب الرئيسي وراء هذه الهزيمة الكبيرة لحزب أردوغان، فإنه يعود بشكل أساسي إلى الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بالبلاد منذ عام 2013، والتي تتمثل في تضخم مرتفع للغاية وانخفاض حاد في قيمة العملة وانخفاض مستويات العيش. وكان رد فعل الناخبين، بمن فيهم المتقاعدون والعمال والعاطلون عن العمل، واضحاً وملموساً في هذه الانتخابات، حيث بدأوا يعبرون عن استيائهم من الأوضاع الاقتصادية.
باختصار، تظهر نتائج الانتخابات المحلية في تركيا أن الديمقراطية لا تزال حية وبصحة جيدة، على الرغم من التحديات التي تواجهها البلاد. وبفضل شخصيات بارزة مثل إمام أوغلو، تشير الآمال إلى تحول إيجابي نحو مستقبل أكثر استقراراً وتنمية لتركيا.
الختام:
يعد فوز حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات المحلية تعتبر هذه خطوة هامة وملفتة في الساحة السياسية التركية، وقد يعكس هذا الانتصار تحولاً مهماً في التوجهات السياسية للبلاد في الفترة المقبلة.
التعليقات متوقفه