الأمين العام للحزب المدني الديمقراطي يتحدث لجريدة الجمهورية والعالم عن تحديات التحول الديمقراطي ودور الأحزاب في الأردن”
"تحليل السياسة: الأحزاب ومستقبل الديمقراطية في الأردن"
حوار سارة غنيم
تشهد الأردن خطوات هامة نحو تحديث المنظومة السياسية وتعزيز دور الأحزاب السياسية في العملية الديمقراطية، وذلك في ظل التوجه الملكي نحو تحقيق نقلة نوعية في حياة الأردنيين خلال المئوية الثانية من عمر الدولة.
تأتي الانتخابات النيابية المقبلة وفق قانون انتخابي جديد، حيث تم رفع عدد مقاعد مجلس النواب من ١٣٠ إلى ١٣٨، مخصصة جزء منها للأحزاب السياسية. في هذا السياق، أجرت جريدة الجمهورية والعالم حواراً مع الأمين العام للحزب المدني الديمقراطي الأردني والنائب السابق المهندس عدنان السواعير، لمناقشة دور الأحزاب الأردنية في الانتخابات النيابية المقبلة والتحديات التي تواجه عملية التحول الديمقراطي في البلاد.
كيف يساهم الحزب المدني الديمقراطي في تعزيز المشاركة السياسية في الأردن؟
الإجابة على هذا السؤال يتطلب شرحاً لأنه لأول مرة في تاريخ الأردن، وبموجب قانون الانتخابات، تجد الأحزاب أن ٣٠٪ على الأقل من المقاعد مخصصة لها، وهذا شيء لم يحدث في تاريخ الأردن. في الماضي، كانت الأحزاب ترشح نفسها وإذا نجحت، فإنها نجحت، وإذا لم تنجح، فكان الأمر عادياً. الآن، وفقاً لقانون الانتخابات الجديد، كل شيء يتعلق بالأحزاب وحسب.
تحت هذا النظام الجديد للانتخابات، يمتلك كل ناخب ورقتين، الأولى مخصصة للاقتراع على القوائم المحلية، حيث يمكن للأحزاب الترشح لهذه المقاعد. ومع ذلك، قد لا تفوز جميع الأحزاب بالمقاعد المحلية التي ترشح لها.
أما الورقة الثانية، فهي مخصصة للتصويت على القوائم الوطنية التي تتنافس على مستوى الوطن. وفي هذه القوائم، يتوجب أن تكون المرشحين من الأحزاب السياسية، وإذا لم تكن القائمة تحمل طابعًا حزبيًا، فلن تتأهل للمنافسة على هذه المقاعد. يُذكر أن هذه المقاعد الوطنية تشكل ٣٠٪ من إجمالي مقاعد مجلس النواب، وهي تبلغ ٤١ مقعداً.
ومن هنا، فإن الأحزاب تتحمل مسؤولية تاريخية كبيرة في تقديم مرشحين قادرين على تحمل المسؤولية وتقديم برامج سياسية قوية تستجيب لاحتياجات وتطلعات الناخبين.
كيف يساهم الحزب المدني الديمقراطي في تعزيز المشاركة السياسية في الأردن؟
يساهم الحزب المدني الديمقراطي في تعزيز المشاركة السياسية في الأردن من خلال دوره الفاعل في تشكيل لجانه القطاعية، التي تمثل ما يشبه وزارات الحكومة. تقوم هذه اللجان بوضع برامج متخصصة لمختلف القطاعات مثل الطاقة، والزراعة، والصحة، والتعليم، والنقل، والسياحة. يتعين على كل لجنة تحديد احتياجات وتطلعات القطاع الذي تمثله ووضع برنامج شامل يتضمن حلولاً مبتكرة وفعّالة.
ومن خلال توحيد هذه البرامج المتخصصة في برنامج متكامل للحزب، يسعى الحزب المدني الديمقراطي لتقديم خيار سياسي متكامل وشامل يلبي احتياجات وتطلعات الناخبين في الأردن. هذه الخطوة تعكس التزام الحزب بتعزيز المشاركة السياسية وتحقيق التغيير الإيجابي في البلاد.
ما هي الخطوات التي يتخذها الحزب لجذب الشباب وتمثيلهم في الساحة السياسية؟
يتعين عليك معرفة أن 70% من سكان الأردن يشكلون فئة الشباب. في الأردن، نعتمد بشكل كبير على فئة الشباب التي تقل أعمارهم عن 35 عامًا، وتمثل هؤلاء الشباب 70% من إجمالي عدد الأردنيين. لذا، ليس فقط يجب أن يكون لدينا تمثيل بنسبة 70% من الشباب، بل إنه واجب بسبب أن الغالبية العظمى من سكان الأردن هم من الشباب.
وفقًا لقانون الأحزاب، يجب أن يكون نسبة معينة من مؤسسي الحزب من فئة الشباب، وهي 20%. ولكن نحن كحزب، من خلال تواصلنا المستمر مع الشباب وزياراتنا المتكررة لهم واللقاءات التي نجريها، نجحنا في جذب نسبة كبيرة من الشباب ليكونوا مؤسسين في حزبنا.
في الوقت الحالي، يشكل الشباب 48% من مؤسسي حزبنا، وهذه النسبة هي الأعلى في الأردن بين جميع الأحزاب. نجحنا، بفضل جهودنا المتواصلة، في الوصول إلى الشباب في جميع المناطق بما في ذلك الجامعات، وفي التواصل معهم وجذبهم لينضموا إلى صفوفنا كمؤسسين.
هل يمكنك توضيح كيفية دمج النساء في هياكل الحزب وتعزيز دورهن في العمل السياسي؟
اليوم، فإن تمثيل النساء يشبه الوضع في فئة الشباب، فهو يُعتبر ضرورة ملحة في حزبنا. فحسب قانون الانتخابات، يتوجب أن يكون هناك تمثيل للنساء في القوائم الانتخابية، حيث يجب أن تكون المرشحة الأولى في كل قائمة انتخابية امرأة، والمرشحة الثالثة أيضًا. وهذا يعني أنه يتعين علينا توفير فرص قيادية للنساء في الحزب، حتى يتمكن الناخبون من التعرف عليهن والتصويت لهن في الانتخابات.
لقد نجحنا في التواصل مع النساء بشكل فعال، ونعتبر اللجان القطاعية التي نشكلها بالحزب مثالاً على ذلك، حيث يترأس تسع نساء من أصل عشر لجان. هذا يعزز دور المرأة في الحزب ويعكس التزامنا بتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية. بفضل هذه الجهود، نحن واثقون من قدرة المرأة الأردنية على تولي المناصب القيادية داخل الحزب، والترشح للانتخابات المقبلة عبر الحزب.
ما هي التحديات التي تواجه الحزب في تعزيز التواصل مع الجمهور وبناء الثقة السياسية؟
بالفعل، هناك تحديات كثيرة يواجهها العمل السياسي في الأردن. أولاً، الوضع الاقتصادي الصعب يجعل الكثير من الناس يعتقدون أنه لا يمكنهم ممارسة حقوقهم السياسية إلا عندما يتحسن وضعهم الاقتصادي، مما يؤدي إلى انخفاض مشاركتهم في العمل السياسي وفي الانتخابات.
ثانياً، الوضع السياسي في المنطقة، بما في ذلك ما يحدث في غزة وفلسطين، يزيد من فقدان الثقة في المؤسسات السياسية، ويجعل الناس يترددون في المشاركة في العمل السياسي.
كما أن وجود قوانين سابقة كانت تعيق العمل السياسي والحزبي، وكانت هناك ممارسات تضييق على الناس لدخول العمل السياسي. لكن مع القوانين الجديدة التي منحت الحرية وجرمت التضييق على الناس لدخول العمل السياسي، لا يزال هناك تحدي في تغيير النمط العقلي القديم وتغليب الثقافة الديمقراطية.
رغم هذه التحديات الكبيرة، يتعين على الأحزاب تجاوزها وإثبات وجودها من أجل الانتخابات القادمة، وذلك من خلال استمرار التواصل مع الناس وتوضيح أهمية المشاركة السياسية والتأكيد على الحاجة الماسة لتمثيل شامل وعادل لجميع شرائح المجتمع.
هل لديكم استراتيجية محددة لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد داخل الحزب وفي المشهد السياسي بشكل عام؟
بالطبع، نحن كحزب مدني ديمقراطي، سنكون ملتزمين بالعمل على تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد. على الرغم من أننا حزب جديد تأسس في ديسمبر 2023، إلا أننا نفتخر بثبات وجودنا من خلال التواصل المستمر مع الناس وطرح برنامجنا الواضح. سنقدم برنامجاً خاصاً للانتخابات المقبلة يركز على مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، ونسعى لكسب ثقة الناخبين من خلاله.
سنعمل جاهدين على تنفيذ هذا البرنامج، الذي يهدف إلى تحقيق الشفافية ومكافحة الفساد، وبالأخص الفساد الإداري الذي يعتبر أحد أنواع الفساد الرئيسية في الأردن. سنسعى إلى إحداث تغيير إيجابي يعزز الثقة بين المواطنين والحكومة، ونؤمن بأن هذا سيسهم في بناء مجتمع أكثر عدالة وشفافية.
كيف تقيّمون التطورات السياسية الراهنة في الأردن وما هو موقف الحزب منها؟
في الواقع، التطورات السياسية الراهنة في الأردن تعكس حقيقة أساسية، وهي أن الأردن يمتلك أطول حدود مشتركة مع إسرائيل. وبدءًا من بداية الصراع الحالي والهجمات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، كان واضحًا تمامًا أن موقف الأردن الوطني والقومي موقفًا واضحًا ومحددًا في الدفاع عن فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني.
وكما تعلم هناك مشروع صهيوني يستهدف فلسطين، والحقيقة أن هذا المشروع يمتد ليشمل الأردن أيضًا، وهناك هدف معين يتعلق بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء في مصر .
الموقف الأردني في هذا الشأن واضح ويتمثل في دعم الشعب الفلسطيني على جميع المستويات، بما في ذلك مواقف جلالة الملك وجلالة الملكة والحكومة، خاصة وزير الخارجية. وتشهد الأيام في الأردن مظاهرات داعمة للشعب الفلسطيني بشكل يومي، طبعا هذا الوضع ليس سهل وخاصه مع. العدو الصهيوني المراوغ، هذا الكيان الذي لن يتوقف وسيحاول بكل الطرق تنفيذ المشروع الصهيوني والذي يبنى على طرد جميع الفلسطينيين من اراضي فلسطين.
ما هي الرؤية والأهداف المستقبلية للحزب في تعزيز الديمقراطية وبناء مجتمع أردني مزدهر؟
رؤية وأهداف المستقبلية لحزبنا، حزب المدني الديمقراطي، تتمحور حول تعزيز الديمقراطية وبناء مجتمع أردني مزدهر. نحن نسعى إلى تطوير برامجنا ومبادئنا وفقًا لمبدأ أن الإنسان الأردني هو محور اهتمامنا. نسعى أولاً إلى توجيه النفقات العامة للحكومة بشكل فعّال، سواء في مجالات الصحة، التعليم، أو النقل، بهدف تحسينها وتطويرها.
فيما يتعلق بالتعليم، نسعى لتعزيز وتحسين نظام التعليم في الأردن، واستثمار طاقات الطلبة في الإبداع، وضمان عودتها إلى المستويات السابقة. أما في مجال النقل، فنطمح لإنشاء شبكة نقل آمنة ومتطورة داخل الأردن. وفي مجال الصحة، ندعو للتعاون مع القطاع الخاص لتحقيق التأمين الصحي الشامل لجميع الأردنيين.
وعندما نتحدث عن السياسة، نركز على حرية التعبير والوصول إلى المعلومات والتجمع، سواء كانت فردية أو جماعية، حيث تضمن دستورنا حماية هذه الحريات. نسعى لتعزيز هذه الحريات لضمان أن يعيش الأردنيون في دولة مدنية ديمقراطية تحترم الجميع، وتحقق الطموحات المشتركة للوصول إلى مستويات جديدة من التطور والازدهار في الأردن.
اقرأ أيضا:
مصر والأردن يوقعان اتفاقية تعاون في المجال الإعلامي
التعليقات متوقفه