صعود تيار أقصى اليمين في الانتخابات الأوروبية وتأثيره على المشهد السياسي

تراجع الأحزاب الحاكمة في ألمانيا: نتائج مخيبة للاشتراكيين والخضر

1٬012

كتبت سارة غنيم

شهدت الانتخابات الأوروبية الأخيرة صعودًا ملحوظًا للأحزاب اليمينية المتطرفة، محدثة زلزالًا سياسيًا في فرنسا وعدة دول أوروبية أخرى.

هذا التحول الجذري يعكس رفضًا متزايدًا لسياسات الأحزاب التقليدية وتوجهًا نحو التيارات الشعبوية واليمينية. جاء هذا الصعود بمثابة تحذير قوي للنخب السياسية في أوروبا حول التغيرات الجذرية في المزاج العام للناخبين.

في فرنسا، أدى فوز حزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان إلى حل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة، في حين شهدت دول أخرى مثل ألمانيا وإيطاليا صعودًا لافتًا لليمين المتطرف، مما يضع أوروبا أمام تحديات سياسية جديدة.

شهدت الانتخابات الأوروبية الأخيرة صعودًا ملحوظًا لتيار أقصى اليمين في عدة دول، محدثًا زلزالًا سياسيًا في فرنسا، لكنه لم يُخل بالتوازن السياسي في بروكسل.

نتائج الانتخابات الأوروبية:

صوت مئات الملايين من الأوروبيين خلال الأيام الأربعة الماضية لاختيار 720 عضوًا في البرلمان الأوروبي. جاءت النتائج مفاجئة وأظهرت صعودًا قويًا لليمين المتطرف، مما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة في فرنسا في 30 يونيو.

النتائج في الاتحاد الأوروبي:

بعد انتهاء التصويت وعملية الفرز، أصبحت نتائج الانتخابات واضحة في الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي. برزت الزعيمة الإيطالية جورجيا ميلوني كلاعبة رئيسية في السلطة في بروكسل بعد حصولها على نسبة تقدر بنحو 28% من الأصوات. ميلوني حققت رقمًا قياسيًا في الإجماع الشخصي في هذه الانتخابات الأوروبية، حيث يقدر أن لديها أكثر من 2 مليون تفضيل، بعد ترشحها كزعيمة للقائمة في جميع الدوائر الانتخابية الخمس. على الرغم من أدائها الممتاز، لم تتجاوز سجل الإجماع الشخصي الذي سجله سيلفيو برلسكوني في عام 1999 بثلاثة ملايين صوت، أو ماتيو سالفيني في انتخابات 2019 بـ2.35 مليون.

فرنسا: زلزال سياسي:

لوبان تتصدر الانتخابات الأوروبية في فرنسا بنسبة 31.5%

 

في فرنسا، تصدر حزب التجمع الوطني بقيادة جوردان بارديلا النتائج بنسبة تزيد على 31.5% من الأصوات، متقدمًا بفارق كبير على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس إيمانويل ماكرون (15.2%)، حسب تقديرات معاهد الاستطلاع. سيحصل حزب التجمع الوطني على 31 من أصل 81 مقعدًا فرنسيًا في البرلمان الأوروبي.

صعود اليمين المتطرف في أوروبا:لوبان تتصدر الانتخابات الأوروبية في فرنسا بنسبة 31.5%

تأثير النتائج على المفوضية الأوروبية:

النتائج الواضحة في فرنسا خصوصًا، ستؤثر حتمًا على المناخ السياسي الذي تعمل فيه المفوضية الأوروبية.

سيتعين على الأغلبية أخذ هذا التغيير في الاعتبار. في حال الفشل في التأثير بشكل مباشر، سيكون أقصى اليمين قادرًا على التأثير بشكل خبيث على السياسات.

الاستعداد للانتخابات التشريعية في فرنسا:

دعا ماكرون يوم الأحد إلى انتخابات تشريعية مفاجئة عقب الخسارة الفادحة في انتخابات البرلمان الأوروبي أمام حزب التجمع الوطني.

أعلن سيباستيان شونو نائب بارديلا أن الزعيم اليميني قد انتُخب نائبًا في البرلمان الأوروبي، وسيكون مرشح حزبه التجمع الوطني لرئاسة الوزراء إثر حصوله على ما سماه “المباركة الشعبية”.

أكد شونو أن التجمع الوطني لن يتحالف في إطار الانتخابات المبكرة مع أي أحزاب أخرى، لكنه سيقترح منصة انتخابية “موجهة للجميع من خارج الأحزاب السياسية”.

بحصوله على نحو 32% من الأصوات، وجه حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة بارديلا، البالغ من العمر 28 عامًا، ضربة قوية لحزب ماكرون (حزب النهضة) الذي حصل على 15% من الأصوات في الانتخابات الأوروبية.

بدأت فرنسا الاستعداد للانتخابات التشريعية المفاجئة التي دعا إليها ماكرون عقب هذه الخسارة الفادحة.

تراجع الائتلاف الحاكم في ألمانيا: أداء ضعيف للحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر

فاز التحالف المسيحي في ألمانيا (يمين الوسط) في انتخابات البرلمان الأوروبي، وحل حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي في المركز الثاني. أكدت الهيئة الانتخابية الوطنية النتائج في وقت مبكر من صباح اليوم الاثنين (10 يونيو/ 2024) بعد فرز جميع الأصوات. حصل التحالف المسيحي (المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري) على 30% من الأصوات، بينما حقق حزب “البديل من أجل ألمانيا” مكاسب كبيرة بحصوله على 15.9% من الأصوات، ارتفاعًا من 11% في انتخابات 2019.

تراجع الائتلاف الحاكم:

جاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي المنتمي إليه المستشار أولاف شولتس في المرتبة الثالثة بحصوله على 13.9% من الأصوات، مسجلًا أسوأ أداء له في انتخابات ديمقراطية على مستوى ألمانيا منذ أكثر من قرن. تراجع حزب الخضر إلى المرتبة الرابعة بحصوله على 11.9% من الأصوات، بعد أن كان قد حصل على 20.5% في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2019. حصل الحزب الديمقراطي الحر، الشريك الثالث الأصغر في الائتلاف الحاكم، على 5.2% من الأصوات، بينما حصل الحزب الشعبوي الجديد “تحالف زارا فاغنكنشت” على 6.2%، وحزب “اليسار” على 2.7%.

تأثير النتائج:

في معاقل حزب “البديل من أجل ألمانيا” في شرق ألمانيا، تصدر الحزب الشعبوي الساحة. توقع المراقبون زيادة كبيرة في دعم الأحزاب اليمينية في انتخابات البرلمان الأوروبي. على الرغم من بعض التوقعات التي قدرت دعم حزب “البديل من أجل ألمانيا” بأكثر من 20% قبل بضعة أشهر، إلا أن هذه الأرقام انخفضت بسبب عدد من الفضائح التي تورط فيها الحزب مؤخرًا.

 

إيطاليا: نجاح كبير لحزب ميلوني:

في إيطاليا، تصدّر حزب “إخوة إيطاليا” اليميني المتطرف الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، النتائج بنسبة 28% من الأصوات. ميلوني حققت رقمًا قياسيًا في الإجماع الشخصي في هذه الانتخابات الأوروبية، حيث يقدر أن لديها أكثر من 2 مليون تفضيل، بعد ترشحها كزعيمة للقائمة في جميع الدوائر الانتخابية الخمس.

على الرغم من أدائها الممتاز، لم تتجاوز سجل الإجماع الشخصي الذي سجله سيلفيو برلسكوني في عام 1999 بثلاثة ملايين صوت، أو ماتيو سالفيني في انتخابات 2019 بـ2.35 مليون تفضيل.

في الدائرة الشمالية الغربية، تصدرت النساء ترتيب التفضيلات. جاءت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني في المرتبة الأولى بحصولها على 582,565 صوتًا، تلتها زعيمة الحزب الديمقراطي سيسيليا سترادا بـ248,126 صوتًا، ثم رئيس بلدية بيرغامو السابق جورجيو غوري بـ193,885 صوتًا.

النمسا وهولندا: صعود اليمين المتطرف:

في النمسا، حصل “حزب الحرية” اليميني المتطرف على 27% من الأصوات، بينما عزز الهولنديون موقف حزب خِيرت فيلدرز اليميني المتطرف.

إسبانيا: تقدم الحزب الشعبي:

في إسبانيا، أظهرت النتائج الرسمية حصول الحزب الشعبي اليميني، التشكيل الرئيسي للمعارضة الإسبانية، على 22 مقعدًا في البرلمان الأوروبي مقابل 20 للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز. وحقق حزب فوكس اليميني المتطرف تقدمًا بحصوله على 6 مقاعد.

بولندا: تقدم الحزب الوسطي:

في بولندا، تقدم الحزب الوسطي المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد تاسك على حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي، لكن الأخير حافظ على قسم هام من الأصوات، حيث حصل أقصى اليمين المتمثل في حزب كونفيديراجا على 6 مقاعد في البرلمان الأوروبي.

الخلاصة:

هذه النتائج تعكس تغييرات كبيرة في المشهد السياسي الأوروبي وتؤكد صعود التيارات اليمينية والشعبوية، مما سيؤثر بشكل كبير على السياسات المستقبلية للاتحاد الأوروبي.

Visited 11 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه