صرخة الإنسانية وصمت القتلة

0 530

كتب – محمد غنيم

لقد حكم على جميع الحيوانات بالحياة. وولدت جميع المخلوقات بمقتضى القانون ذاته. فهي تتألم مثلي ومثلك، وتموت كما نموت. يشد الصقر على فريسته الوجلة، ويطعن بمنسره الدامي أطرافها المرتعشة.

 يبدو كل شيء في عينيه لفترة، ويمزق النسر الصقر إلى قطع. ويرشق الإنسان النسر بنباله ويقتله.

 يسقط الإنسان في غبار معارك الحروب ويختلط دمه بدماء القتلى من رفاقه، ويصبح بدوره طعاما للطيور الكاسرة.

وهكذا، كل شيء في هذا العالم يئن ويتألم.

لقد ولد الجميع للعذاب وللموت.” – فولتير

غرقت القطة في دلو من الماء فقامت الدنيا ولم تقعد. انبرت المنظمات الحقوقية بالصراخ، وتناقلت وكالات الأنباء الخبر، وطيرته إلى كل القنوات الفضائية لتنعي للعالم موت قطة في دلو ماء تركه صاحبه ممتلئا، مما عرض حياة القطة للخطر.

أنتم تعلمون ما أريد قوله بعد ذلك، فلا داعي لقوله.

رسالتي لن تصل إلى الذين يقتلون البشر حاملين السواطير أو مرتدي الأحزمة الناسفة، أو حاملي القنابل، أو واضعي أصابعهم على زناد البنادق والمدافع.

 لا داعي لأن أوجه رسائلي إلى هؤلاء، فقد نفضوا عن كاهلهم كل الرسالات الإنسانية التي دعت إلى التسامح والحب وتبادل المنفعة. جعلوا كل هدفهم نصب الفخاخ لقتل النساء والأطفال والشيوخ الذين لا يملكون دفعًا ولا حيلة.

ومادامت الرسالة لن تصل إلى هؤلاء، فما الفائدة من كتابتها وبثها؟

لم أجد الإجابة على هذا السؤال على الإطلاق، خاصة وأن رسائل السماء ودعاة الإصلاح والمواثيق والعهود لم تؤثر في أصحاب الاتجاه الغبي نحو قتل البشر بسبب الجنس أو اللون أو العرق أو الدين، أو بسبب فقر الإنسان وعبوديته للأكل أو المنصب أو الجاه أو الكرسي. ولكن لا أقدر إلا أن أقاسي ولن أتذمر أو أتضجر.

ومادامت الرسائل لم تصل إلى هؤلاء، فما الحل؟ هل نصمت ونترك الأمور تسير كما تسير؟ تقتل القتلة وتفتك الآفة وتنتشر كانتشار المرض؟ أنا لم أصل بعد إلى درجة اليأس، ولكن الأمل بات معقودا على العلماء الذين يبحثون عن علاجات للآفات والفيروسات وسائر الأمراض التي تفتك بالبشر وبالزرع والحيوان.

نأمل أن يبحثوا عن علاج لهؤلاء القتلة، وأن يبرز على الساحة علماء في علم النفس والاجتماع والدين للبحث عن علاج لهذه الأمراض التي تجعل البشرية في المربع رقم واحد لم تبرحه منذ العصر الحجري.

إن دعاوى التحضر، أيها القراء الأعزاء، التي يدعيها القاتل، إنما هي دعوى زائفة لا يغني عنها الوصول إلى الفضاء. إن انفلات الإنسان إلى قتل أخيه إنما هو دعوى حيوانية بدائية تدل على أن الإنسان القاتل لا يحمل عقلا، إنما يحمل أداة للقتل فقط.

ما زال الأمل معقودا على العلم والعلماء، وعلى البحث المستمر عن طرق لتهذيب النفس البشرية ومحاربة نزعاتها التدميرية، ليعم السلام والإنسانية في هذا العالم الذي يعاني منذ الأزل.

اقرأ للكاتب:
محطات مع صديقى سمير الاسكندرانى – يكتبها محمد غنيم
محمد غنيم يكتب :الالتقاء الثقافي والحضاري بين الشعوب
قيم الرياضة الرفيعة: رحلة المنتخب المصري نحو النجاح والتحديات الأخلاقية
شجاعة وتحدي: قصة نساء يصنعن التاريخ بثورتهن ضد القمع
«أخر حوار مع الراحل ».. العبقري المخرج العظيم شادي عبدالسلام 
صراع المتاهات، وإقحام الأديان في السلوك البشري

قصة سمير الإسكندرانى مع الموساد والبرنامج الإيطالي

 

 

Visited 19 times, 1 visit(s) today
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق