طه حسين ومستقبل التعليم في مصر برؤيةٍ معاصرةٍ

4٬054

أ.د/ جودة مبروك محمد

“شعرت كما شعر غيري من المصريين وكما شعر الشباب من المصريين خاصةً وإن باعدَتِ السنُّ بينهم وبيني بأن مصر تبدأ عهدًا جديدًا من حياتها إنْ كَسَبَتْ فيه بَعْضَ الحُقوقِ، فإنَّ عليها أنْ تَنْهَضَ فيه بواجباتٍ خطيرةٍ وتَبِعاتٍ ثِقالٍ”.

بهذه الكلمات تنفجر قريحة الدكتور طه حسين التي اتَّسمتْ بقدرةٍ على قراءة مستقبل التعليم في مصر، فقد ألقى بهمته على التعليم الرسمي الذي هو نتاجٌ لأنظمة الدولة، وليس ما هو خارجٌ عن إطارها،

فالتعليم الحقيقي الذي يخرج مِنْ رَحِمِ الفُصولِ الدّراسية التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم، وقد أطلق مصطلح ديمقراطية التعليم على التعليم الأساسيّ، ويعني به أن يصبح التعليم حقًّا للجميع، فيتحقق بذلك مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية،

فلا يجوز أن يُسْهِمَ الفَقْرُ أو الغِنَى في تحقيق العدل والمساواة في فرص التعليم ، أو أن يكون هناك تعليم خُصُوصيٌّ  خارج نطاق إشراف الوزارة، وتلك إشارة منه مبكرة و(روشتة) علاج للإصلاح والنجاةِ بتطوير البرامج والهياكل والرفع من شؤون المعلمين وإعادة تنظيم مراقبات التعليم من الإدارات التعليمية المختلفة وإصلاح نظام الامتحان بوصفه وسيلةً وليس غايةً.

لقد ألزم الدكتور طه حسين الدولة بالإشراف الكامل والمتابعة الجيدة لشؤون التعليم وما يتعلق به، فدعا إلى إنشاء مجلس التعليم الأعلى ، وتطوير التفتيش (التوجيه الفنِّيّ)، فقد رأى أن الدولة هي المسؤول الأول والأخير عن تكوين العقلية المصرية تكوينًا يتلاءم مع الحاجة الوطنية الجديدة ويُسايرُ مستجدات العصر.

إن العمل بمقتضى رؤية الدكتور طه حسين انتهاءً بجهود الوزارات المعنية ليُحيي فينا الأمل بمستقبل مشرق وغدٍ أفضل، وتلك مسؤولية كبيرة، تستدعي الترابط والتلاحم بين أبناء المجتمع، وإلى ذلك أشار العميد في كتابه مستقبل الثقافة في مصر بقوله “ومن يدري لعلَّ هذا الكتاب كلَّهُ أو بعضَهُ أن يَقَعَ مَوْقعًا حسنًا من بعض الذين إليهم أمور التعليم ولعلهم أن يأخذوا ببعضِ ما فيه مِنْ رأيٍ”.

تلك هي بعض من مشروع الدكتور طه حسين فيما يخص تطوير التعليم.

ولقد أَحْيَتِ الدولة المصرية في (الجمهورية الجديدة) المشروع الوطني في التعليم بوصفه الركيزة التي تتبنَّى بناءَ الشخصية المصرية لتحقيق التنمية الشاملة اقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا وبناء المجتمع المنتج القادر على مواجهة تحديات المستقبل والمرور بسلام من أي معوقات محتملة، وفق إستراتيجية مُحدَّدة، تمثلتْ في الاهتمام بالتعليم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي وإقامة  شراكات مع الجامعات الدولية وتطوير منظومة الابتعاث وتحويل مخرجات البحث العلمي لمنتجات صناعية لخدمة الاقتصاد، وتفعيل دور الجامعات للمشاركة المجتمعية ودعم جهود الاستثمار في التعليم العالي بتهيئة بيئة مناسبة للاستثمار، وإتاحة خطط تنموية نابعة من الإقليم ، ودعم جهود الابتكار، ومواصلة العمل في ملف التحول الرقمي.

لقد تبنَّت وزارة التعليم العالي وفق تعليمات رئاسية بناء جامعة تكنولوجية في كل محافظةٍ مصرية، واستحداث تخصصات بينية تدفع إلى صناعة جيل يمتلك الحلول الطموحة لمشكلات المستقبل بحيث يكون الخرِّيج من مدارسنا وجامعاتنا منتجًا ومصدرًا للثقافة وليس فقط موصوفًا بالمثقفِ.

اقرأ للكاتب:

أ.د/ جودة مبروك يكتب لـ الجمهورية والعالم: (الطالب الأستاذ) 
أ.د/ جودة مبروك يكتب: الفنان أحمد حلاوة الأكاديمي صاحب مدرسة خاصة في تجسيد الأدوار المتنوعة

 

 

Visited 131 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه