“الجمهورية والعالم تحاور بدر الدين حربوش: رحلة في عوالم الريشة والألوان”

1٬208

• أعَدَّ الْحِوَار: علاء الدين قسول.
• معَ ضَيْفِهِ: التّشكيليّ الجَزائريّ: “بدر الدّين حربوش.”

______

مُذْ بَدءِ الْخَلِيقَةِ وَهْوَ وَاقِفُ -كَمَا يَبدُو- أَمام بَابٍ مُوصَدٍ تَحتَ ظلّ هذه الشّرفَة التّي تتَقاطَرُ ظِلًّا، يُشكّل قبضةً بيدِه اليُمنَى ويدفعُها بِثباتِ إلى صَدرِ الْبابِ الْخَشَبِيّ، أمَلًا في أن تُوقِضَ طَرقَةٌ -تُنجبُهَا قبضتُه تِلك- ذكرياتِ الشّجَرِ النّائمةِ تحتَ عُذر الصّلابَة، عسى أنْ يَتفَجَّرَ الحطَبُ -مُجدّدا- أغْصَانًا وأوراقًا واخضرارًا، يَفعَلُ ذَلك بِاشتِهاءٍ بَالِغ، لا لِشيءٍ إنّمَا كَي يَمْنَحَ للعُصفُورِ حقَّهُ الْأبَدِيَّ في التّعشِيش، وَيتسَنّى له -هُوَ الْآخَرُ – بَعد إلحَاحِ كَبير- اِستِلالُ رِيشَةٍ من جَنَاحِه، يُراوِدُ بِهَا صُورَةَ الْأَبَدِ الْمُشتهَى عن أَلوَانِه الثلاثة (الأحمر، الأصفر والأزرق).
هُو التّشكيليّ الجَزائريّ: “بدر الدّين حربوش” المُرابِط على حُدود الّرؤى بِرِيشة طائر، تَتلقّفها يَده الطويلَة المَغموسة فِي بِئر بيضَاء “تسُرُّ النّاظِرينَ.”

 

 

• بِدايَةً، أُبارك لكَ فوزَكَ بالجائزة الأولى للّقاء الرّابع للفنّ التّشكيليّ المُقامُ فِي مدينة البليدة/ الجزائِر.

س1_ هل يملكُ”بدر الدّين حربوش” الذِّكْرَى الكافية ليُحدّثَني عن أوّل مرّة أمسكَتْ بها أصابعُهُ خِفّة الرِّيشَة؟ يجِدُ ذَلِكَ مِن وَحيِ الصّدفة أم مِن بَذْرِ التّكْوِينِ؟

ج1_ ليس وحي الصدفة ولا بذر تكوين، كانت حادثة وقعت مع معلمي في السنة السادسة ابتدائية، حيث طلب منا واجبا منزليّا “رسم حصان وفارس” في كراس الرسم، سهرت على إتقان الرسم ولكن في الصباح بعد أن أخذت الكراس الى المعلم وكلي فرحة و سرور بعملي، شرع هو بإحباطي وجعلني موضع سخرية أمام الزملاء وأعطاني علامة 4/10، من هنا بدأت قصة المثابرة والجد وحب الرسم.

س2_ إِلَى أيِّ مدرَسةِ فنّيّة تشكيليّة يَنتمِي “بدر الدّين”؟ أم أنّه لا يؤمِن بهَذا التّصنيف ويكتَفِي باقتفاءِ أثر الصّورة حيثُمَا تَوجّهَت بِمحمولاتِهَا النّوعِيّة؟

ج2_ إن صح التعبير فأنا فنان ابن الآنية وأنتمي إلى الفن المعاصر، أشعر بانتمائي إلى كل المدارس والحركات الفنية وبالأكثر التعبيرية المعاصرة.

س3_ طقسُ استحضارِ الإبدَاع “الإلهام” لا يختلف كثيرا عن “الوحي الإلهي”، كلاهما يحتاج من الإنسان المبدِعِ النّبيّ ارتقاء روحيّا في سلّم الصّفاء والخشوع، أَلَكَ طَقسٌ خاصٌّ بك تُجَهّزُهُ لتَزُفَّ ألوانَكَ إِلَى فِكَرِهَا؟

ج3_ أحيانا يجب أن يكون الطقس الخاص بي، ولكن في أغلب الأحيان أحاول التعايش مع كل الظروف لأن الكثير من الأعمال وليدة الطقس غير الصافي.

 

س4_ أنتَ تُشكّل لوحَاتِك أم تتشكّل وحدَها؟ تتبَعُها أم تتبَعُكَ؟

ج4_ تتبعني وأتبعها، لا أستطيع وصف الأمر هنا كتابيا إنه روحيّ.

س5_ قَد لا يجِد الأديبُ حرَجًا كبيرًا أثناءَ النّفخ بعاطفته في حرفه، تُرى.. مَا الحالُ مع الفنّان التّشكيليّ؟ ما هي التّحدّيات التي يواجهها التّشكيليّ “بدر الدّين حربوش” أثناء تطويع العاطفة الصّادِقَة (المطلقة/ الخاصّة) لِأسنَانِ فُرشاتِه؟

ج5_ العاطفة تستطيع أن تراها بين ثنايا اللوحة، فهناك من يخفيها و يجعل المتلقي يغوص كثيرا للبحث عنها، وهناك من يظهرها من الوهلة الأولى.

س6_ وأنت المتوّج بالعديد من الجوائز آخرها “المرتبة الأولى للقاء الرابع للفن التشكيلي بالبليدة”، في رأيك: جائزة الفنّ أم فنّ الجائزة، أيّهما الأصوَب من أجل الدفع بسَحَابَةِ الإبداع؟

ج6_ الفن للفن طبعا، أما الجائزة فتأتيه مرغمة لما يكون صادقا كفاية، أحيانا أنجز لوحات من أجل مضمار السباق، وأحيانا أخرى أحتفظ بأعمال خاصة بي تعكس مرحلة شخصية معينة.

س7_ لَمَّا احتشدَت ألوانُك تَحت رايةِ الرِّيشَة تَمخَّضت حدود الإطار لِتُنجِب “رقصة الحرية”، اَللَّوحة المتوّجة بالدّعم المطلق للشعب الفلسطيني/ الغزّي، هل يُبشِّر “بدر الدّين حربوش” بانبثاق حقبَةٍ فنية تشكيليّة جديدة تمشِي في رِكَاب القضِيّةِ الأُمّ “فلسطِين”؟

ج7_ بإذن الله سيكون هناك تحضير لأعمال فنية في سياق دعم القضية الفلسطينية، ولربما لوحتي ” رقصة الحرية” هي مفتاح هذا الباب الذي يتطلب المتابعة الدائمة للقضية وإسماع أصوات المظلومين بالفن واللون.

س8_ قد زُرتَ مُدُنًا أوروبيّة من قبل: ( Madrid, Malaga, Goloubac) تقصدها لعرض لوحاتك على الحائط التّشكيليّ العالمِي، بمَ أمدّتك هذه التّجربة التّواصلية مع الغرب؟ وهل ترى التّشكيليّ العربي قادِرًا على دخول مِضمار كبار التشكليّين في العالم؟

ج8_ الحمد لله أن كانت عندي تجربة أو فرصة لدخول العالم الغربي من الباب الفني التشكيلي، أرى أن التشكيلي العربي قادرٌ على دخول التشكيل من بابه الوَاسع، والدليل على ذلك هو الأسماء التشكيليّة العربيه العالمية، فلكلٍّ لمسته الخاصة وأسلوبه الذي يجعله مختلفا حتّى يكسبه نظرة جمالية مغايرة للنمطية التشكيلية الغربية.

 

س9_ ما هي الصّعوبات التي تعترض الفنان عموما والتشكيليّ خصوصا في “الجزائر”؟ هل تطمَحُ إِلى مُواصَلةِ المسيرة الفنّيّة خارج حدود الوطن؟

ج9_ أتمنى أن يتحسن الوضع في هذا البلد، لأن مشكل الفنان دائما هو مشكل مادي، الحلول كثيرة لكن للأسف…

س10_ الشّعر والفنّ التشكيليّ، أيهما تراه مُقتَفيًا أثر الآخر فوق أرض التصوير والتّجسيد والتّشخيص؟ وهل ترى أفق تدَاخلهما وتعالقهِما ضرورة ملحّة لتطوير الفنّ عُمُومًا؟

ج10_ لكل منهما دوره، هُما مثل كفّتي الميزان.

 


س11_ خِتَامًا، تَقولُ الكاتبة “نادين غورديمير”: “قد لا توجد أي طريقة أخرى لفهم الإنسان إلا من خلال الفنّ”، ما تعليقك “بَدر”؟

ج11_ إذا كانت الفيتامينات والبروتينات غذاءً للجسد فإن غذاء الروح هو الفن، الفن بكل أنواعه وطباعه ومدارسِه، إذْ يجعل الإنسان خارج تلك الدوامة النمطية ويكسر التفكير المُقَيّد.

اقرأ ايضا:
غزة والحقيقة الحمراء: الشعر كأداة مقاومة

Visited 58 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه