تحقيق: كيف مولت الولايات المتحدة الإرهاب في العراق على مدى 20 عامًا؟

1٬089

كتبت- بريجيت محمد

على مدى عقدين من الزمن، أصبحت الولايات المتحدة غير مقصودة ماكينة صراف آلي للإرهاب في العراق، حيث مكن نظام مالي متكامل الفساد من تحويل مليارات الدولارات من خزائن الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك إلى جيوب الجماعات الإرهابية والميليشيات المناهضة للوجود الأمريكي.

تحقيق صحفي دقيق أجرته منظمة OCCRP كشف آليات مالية معقدة أسهمت في تغذية عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

نظام احتيالي يسرق الأموال الأمريكية

النظام الذي استفادت منه الجماعات الإرهابية كان بسيطًا وربحيًا للغاية: قدمت البنوك العراقية فواتير استيراد مزيفة للحصول على دولارات من البنك المركزي العراقي، والذي بدوره سحب هذه الأموال من حساب عائدات النفط العراقي في بنك الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك.

لكن بدلاً من استخدام هذه الأموال لشراء سلع حقيقية، تم تحويلها إلى حسابات شركات وهمية مرتبطة بمنظمات مثل داعش والميليشيات الموالية لإيران.

الإرهاب تحت أعين السلطات الأمريكية

عملت هذه الماكينة دون توقف على مدى سنوات، حتى تحت أعين السلطات الأمريكية. ورغم أن تقريرًا للكونغرس في عام 2012 حذر من أن 80٪ من الأموال المخصصة للعراق انتهت في “معاملات غير قانونية”، إلا أن واشنطن استمرت في ضخ مليارات الدولارات في خزائن بغداد.

ولم تتحرك وزارة الخزانة الأمريكية لفرض عقوبات إلا في يناير 2023، بعد هجوم الطائرات بدون طيار الذي أودى بحياة ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن.

ممارسات احتيالية وإهمال أمريكي

أظهر التحقيق المستند إلى آلاف الوثائق المتعلقة بطلبات الحصول على الدولارات المقدمة من البنوك العراقية، كيف تمت الفواتير المزيفة والتحويلات المشبوهة. أحد الأمثلة البارزة هو مصرف United Bank for Investment (UBI)، الذي حصل في أبريل 2012 على 315 مليون دولار بناءً على فواتير أظهر 99٪ منها علامات واضحة على الاحتيال.

الأموال التي كان من المفترض أن تُدفع للموردين انتهت في حسابات الشركات الوهمية أو شركات في الأردن وخارج العراق، ما أسهم في تمويل الميليشيات الموالية لإيران والجماعات الإرهابية مثل داعش.

الولايات المتحدة ودعم الإرهاب: الحقيقة المرّة خلف 20 عامًا من التمويل المشبوه

تمويل الجماعات الإرهابية من خلال الفساد

كشف التحقيق أن هذا المخطط لم يكن مجرد حالات فردية، بل امتد ليشمل عشرات المصارف العراقية التي استنزفت مليارات الدولارات من النظام المالي بتواطؤ من السلطات العراقية.

هذه الأموال ساعدت في تمويل داعش والميليشيات الشيعية الموالية لإيران، إضافة إلى نظام الأسد السوري.

الأولوية الأمريكية لاستقرار الدينار العراقي

يبدو أن السبب وراء تجاهل واشنطن لهذه الفوضى المالية كان الحفاظ على استقرار الدينار العراقي، حيث أكد مسؤولون أمريكيون سابقون أن التركيز كان على منع انهيار العملة العراقية بغض النظر عن التداعيات.

لكن النتيجة كانت أن الولايات المتحدة مولت بشكل غير مباشر أعداءها على مدى عشرين عامًا.

استنتاجات وتحذيرات

في الوقت الذي بدأ فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي في إقصاء بعض البنوك العراقية من مزاد الدولار، إلا أن المشكلة الأساسية لا تزال قائمة. كما خلص ستيوارت بوين، المشرف السابق على الصناديق الأمريكية لإعادة إعمار العراق، قائلاً: “لقد خلقنا الوحش ثم قلنا إنه ليس وحشنا!”.

لكن هذا الوحش لا يزال يحصد المزيد من الأرواح، بما في ذلك أرواح الأمريكيين.

Visited 30 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه