سياسة “السلام مقابل المال”: استراتيجية ترامب التي لم تفهمها أوروبا
كتبت:بريجيت محمد
أوروبا لم تدرك بعد أن سياسة “السلام” التي تبناها ترامب تعتمد بشكل أساسي على المعاملات المالية.
في الآونة الأخيرة، برزت في وسائل الإعلام تقارير تفيد بأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، من أجل التقرب من ترامب، طلب مساعدات مالية وعسكرية، بالإضافة إلى أن واشنطن دفعت أوكرانيا لتوريد مواد خام نادرة لصالح الاقتصاد الأمريكي.
هذه المواد تشمل الليثيوم والجرافيت والتيتانيوم، التي تعتبر حيوية لصناعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
في هذا السياق، أصبحت أوكرانيا المورد الأول في أوروبا للموارد المعدنية الاستراتيجية التي تحتاجها صناعة الهواتف المحمولة، الألواح الشمسية، والبطاريات الكهربائية، مما يبرز التحول الجيوسياسي والاقتصادي الذي تشهده المنطقة.
تُظهر هذه التحولات تطور السياسة الواقعية في العالم المعاصر، حيث يبرز دونالد ترامب كأحد أبرز الشخصيات في هذا المجال. ترامب، عبر سياساته التجارية القائمة على “أمريكا أولًا”، قد يعيد تشكيل طريقة التعامل بين الدول.
في هذه السياسة، “الدفع مقابل الحصول” هو المبدأ الرئيسي، حيث تفرض واشنطن تعريفات جمركية وتبادل المنافع مع الدول الأخرى.
أما على صعيد أوكرانيا، فإن المستقبل السياسي للرئيس زيلينسكي يبدو غامضًا مع تزايد استياء الشعب الأوكراني من استمرار الحرب، خصوصًا في ظل تدمير البلد وكثرة الخسائر البشرية من الطرفين.
فبعد سنوات من النزاع، قد يرى الشعب أن استمرار المقاومة ليس هو الخيار الأمثل، ما يطرح تساؤلات عن السبب في استمرار الحرب والنتائج المتوقعة منها.
وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن أوروبا قد تجد نفسها مضطرة للقبول بحلول تفضي إلى تسوية مع روسيا، حيث يمكن أن تشمل تلك الحلول عقود إعادة الإعمار التي ستكون مكلفة للدول الأوروبية، بالإضافة إلى أن الأصول الروسية المجمدة في الغرب قد تدخل في مفاوضات السلام كجزء من أي اتفاق مستقبلي.
على الصعيد الجيوسياسي، يبدو أن العالم مقبل على مرحلة جديدة من إعادة تشكيل موازين القوى الاقتصادية والسياسية.
سيكون ترامب من بين اللاعبين الرئيسيين في هذه العملية، حيث تزداد أهمية “كتل النفوذ” والمناطق الاقتصادية الاستراتيجية.
تبرز في هذا السياق أيضاً دول مثل الصين والهند وتركيا، التي تعتبر كيانات إمبراطورية تاريخية تبحث عن استعادة قوتها ونفوذها على الساحة الدولية.
في هذه الأجواء المعقدة، سيكون تأثير أوروبا محدودًا في إعادة تشكيل الخرائط الجيوسياسية، إذ إنها تفتقر إلى القيادة الموحدة والقدرة على التأثير الفعّال، في ظل صعوبة اتخاذ القرارات الجماعية خاصة في مجالات مثل السياسة الخارجية والطاقة.
التعليقات متوقفه