الانتخابات الألمانية 2025: استطلاعات الرأي، التوقعات، وأبرز المرشحين
الألمان يتوجهون إلى صناديق الاقتراع وسط أزمة اقتصادية وتحديات جيوسياسية
في 23 فبراير 2025، سيتوجه المواطنون الألمان إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء البوندستاغ الجديد، في استحقاق مصيري سيحدد هوية المستشار المقبل. تأتي هذه الانتخابات في لحظة حساسة لألمانيا، التي تعاني من ركود اقتصادي وتراجع في نفوذها داخل الاتحاد الأوروبي، وسط استياء شعبي متزايد.
ألمانيا في مواجهة أزمة اقتصادية عميقة
تعيش ألمانيا أزمة اقتصادية خانقة، حيث دخلت في حالة ركود للعام الثاني على التوالي، ومن المرجح استمرار هذا الاتجاه في 2025. فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي انكماشًا بنسبة 0.2٪ عام 2024، بعد تراجع 0.3٪ عام 2023، متأثرًا بانهيار قطاع التصنيع. وأبرز مثال على ذلك هو قطاع السيارات، حيث أعلنت شركة فولكس فاجن عن تسريح 35 ألف موظف بحلول 2030.
التراجع الجيوسياسي: ألمانيا تفقد مكانتها الأوروبية
على الصعيد الدولي، تواجه ألمانيا تحديات كبيرة، إذ بدا دورها في الاتحاد الأوروبي أكثر ضعفًا، خاصة مع استبعادها من المفاوضات بشأن السلام في أوكرانيا، وهو ما يمثل ضربة لمكانتها التقليدية كركيزة للاستقرار الأوروبي.
استطلاعات الرأي قبل أيام من الانتخابات
مع اقتراب موعد الانتخابات، لا تزال الصورة غير محسومة، لكن تفضيلات الناخبين بدأت تتبلور وفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة:
- الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة فريدريك ميرز: 30٪
- حزب البديل من أجل ألمانيا بزعامة أليس فايدل: 20٪
- الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة أولاف شولتس: 16٪
- حزب الخضر: أقل من 13٪
- حزب اليسار (Linke): 7٪
- الحزب الديمقراطي الحر (FDP) بقيادة كريستيان ليندنر: 5٪
فريدريك ميرز: تحول الاتحاد الديمقراطي المسيحي نحو اليمين
يُعد فريدريك ميرز، زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU)، المرشح الأوفر حظًا لخلافة أولاف شولتس. ويُنظر إلى انتخابه رئيسًا للحزب عام 2022 على أنه قطيعة مع سياسة أنجيلا ميركل الوسطية، وتوجه واضح نحو اليمين.
ومن أبرز محاور برنامجه الانتخابي:
- تقليص البيروقراطية
- خفض الضريبة على الكهرباء وتعرفة الشبكات
- تشديد الرقابة على الحدود
- إدخال الاعتقال الإداري للمهاجرين غير الشرعيين بانتظار الترحيل
كما أثار جدلًا واسعًا بسبب التعاون غير المسبوق مع حزب البديل من أجل ألمانيا في ملف الهجرة، وهو ما اعتُبر كسرًا للحظر غير المعلن على التعاون مع الأحزاب اليمينية المتطرفة.
أليس فايدل: حملة شرسة ضد الهجرة والمناخ
تخوض أليس فايدل، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، الانتخابات بشعار “مكافحة الهجرة غير المنضبطة“. وتعهدت بإغلاق الحدود الألمانية فورًا، وإطلاق عمليات ترحيل واسعة خلال أول 100 يوم من توليها المنصب، في حال فوزها.
ومن أبرز وعودها الانتخابية:
- رفض أي ضريبة لحماية المناخ، والانسحاب من اتفاقية باريس
- تقليص حقوق مجتمع LGBTQ+ رغم زواجها من امرأة وتربيتها لطفلين
- خفض الضرائب وإزالة ما تصفه بـ”البيروقراطية الفائقة“
أولاف شولتس: محاولة لاستعادة ثقة الناخبين
يسعى المستشار المنتهية ولايته، أولاف شولتس، لاستعادة منصبه رغم تراجع شعبية حزبه الاشتراكي الديمقراطي (SPD). وقد تبنّى استراتيجية يسارية لمحاولة استمالة الناخبين، ومن أبرز وعوده:
- رفع الحد الأدنى للأجور
- تخفيض ضريبة القيمة المضافة على المنتجات الغذائية إلى 5٪
- تعزيز حماية المستأجرين
كما وجّه انتقادات حادة إلى فريدريك ميرز بسبب تعاونه مع حزب البديل من أجل ألمانيا في ملف الهجرة، مقدمًا نفسه كخيار معتدل بين المرشحين الرئيسيين.
نظام التصويت في ألمانيا: شرح مبسط
يتم التصويت في ألمانيا وفق نظام التمثيل النسبي المختلط، حيث يحصل الناخب على صوتين:
- الصوت الأول (الدوائر الفردية): يُستخدم لانتخاب مرشح محلي مباشر، والفائز هو من يحصل على أعلى نسبة أصوات.
- الصوت الثاني (القوائم الحزبية): يُحدد نسبة المقاعد التي يحصل عليها كل حزب في البوندستاغ.
ويضمن هذا النظام تمثيلًا واسعًا للأحزاب، مما يجعل تشكيل الحكومات الائتلافية أمرًا شائعًا.
خلاصة المشهد الانتخابي
قبل أيام من التصويت، تظل النتائج غير محسومة، لكن التوجه العام يشير إلى احتمال فوز فريدريك ميرز بموقع المستشارية، مع تصاعد تأثير اليمين المتطرف ممثلًا بـأليس فايدل. أما أولاف شولتس، فيواجه تحديًا صعبًا لاستعادة ثقة الناخبين.
يبقى السؤال الأهم: هل ستسفر هذه الانتخابات عن تغيير جذري في المشهد السياسي الألماني؟ أم أن الناخب الألماني سيحافظ على توازن القوى التقليدي؟