أوجلان يدعو لاستسلام حزب العمال الكردستاني وأردوغان يفاوض الأكراد لضمان ولاية ثالثة

0 111

بعد أربعة عقود من الصراع، يبدو أن النزاع المسلح بين تركيا وحزب العمال الكردستاني قد يقترب من نهايته، حيث أصدر زعيم الحزب، عبد الله أوجلان، رسالة تاريخية من سجنه في جزيرة إمرالي، دعا فيها المقاتلين الأكراد إلى إلقاء أسلحتهم والتخلي عن الكفاح المسلح.

وتعتبر هذه الخطوة بداية “الانفتاح الكردي” الجديد، بعد المحاولة الفاشلة التي جرت بين 2012 و2015، والتي شهدت مفاوضات بين أجهزة الاستخبارات التركية وأوجلان.

رسالة أوجلان وتأثيرها على المشهد السياسي

نقل أعضاء من حزب “الديمقراطية والمساواة بين الشعوب”، وهو أكبر حزب موالٍ للأكراد في تركيا، بيان أوجلان بعد لقائه في 27 فبراير داخل سجنه. وترى الأوساط السياسية أن هذا الإعلان قد يمهد الطريق لإطلاق سراح سجناء سياسيين بارزين، مثل الزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش، بالإضافة إلى إمكانية إصدار عفو عام عن مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين يقررون التخلي عن القتال.

إغفالات في بيان أوجلان: سوريا خارج المعادلة

على الرغم من أن نداء أوجلان شمل حزب العمال الكردستاني في تركيا، إلا أنه لم يأتِ على ذكر الفرع السوري للحزب، والمتمثل في وحدات حماية الشعب (YPG)، التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية (قسد).

في هذا السياق، صرح قائد “قسد” مظلوم عبدي بأن دعوة أوجلان لا تنطبق على الجماعة الكردية المسلحة في سوريا، بينما أشار زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، صالح مسلم، إلى أنه لا حاجة للسلاح إذا توفرت ظروف سياسية عادلة تضمن حقوق الأكراد.

لماذا تتغير مواقف أردوغان وبهتشلي؟

بدأت بوادر هذا “الانفتاح الكردي” الجديد في أكتوبر 2024، ومن اللافت أن الحزب القومي المتطرف بقيادة دولت بهتشلي، المعروف بمواقفه المتشددة ضد الأكراد، قد أظهر تحولًا في موقفه، حيث أصبح جزءًا من هذه المحاولة. ويبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يفضل البقاء في الظل خلال هذه المفاوضات، بحيث يمكنه نسب النجاح لنفسه في حال تحقيق تقدم، أو التملص منها في حال فشلها.

أردوغان ومساعيه نحو ولاية رئاسية ثالثة

وفقًا للدستور التركي الحالي، لا يحق لأردوغان الترشح لفترة رئاسية ثالثة، إلا إذا تم تعديل الدستور. لكن الرئيس التركي يواجه معضلة كبيرة، حيث يفتقر إلى الأغلبية البرلمانية المطلوبة لإجراء هذا التعديل.

في ظل معارضة حزب الشعب الجمهوري، الذي يسعى إلى إضعاف سلطات الرئيس وتعزيز النظام البرلماني، فإن الخيار الوحيد أمام أردوغان هو استقطاب دعم النواب الأكراد في البرلمان لضمان الأغلبية المطلوبة.

ولتحقيق هذا الهدف، يسعى أردوغان إلى تقديم تنازلات رمزية للأكراد، مثل الإفراج المحتمل عن عبد الله أوجلان بموجب قانون “الحق في الأمل” الذي يسمح بإعادة تقييم أحكام السجن مدى الحياة.

غير أن الأكراد يرون أن أي “عملية سلام كردية” يجب أن تشمل اعترافًا رسميًا بحقوقهم الثقافية واللغوية، إلى جانب منحهم نوعًا من الحكم الذاتي، وهو ما لا يبدو أنه جزء من خطة أردوغان وبهتشلي، اللذين يهدفان بالدرجة الأولى إلى كسب الدعم البرلماني لضمان بقاء أردوغان في السلطة.

ختامًا

يمثل هذا التطور تحولًا دراماتيكيًا في المشهد السياسي التركي، حيث قد يشهد الملف الكردي تطورات غير مسبوقة، سواء عبر إنهاء النزاع المسلح أو استخدامه كورقة مساومة سياسية من قبل الحكومة التركية.

ومع ذلك، فإن مدى نجاح هذه المبادرة سيعتمد على مدى استعداد أنقرة لتقديم تنازلات حقيقية تلبي مطالب الأكراد، وليس مجرد تحركات تكتيكية تهدف إلى تأمين ولاية رئاسية جديدة لأردوغان.

Visited 8 times, 1 visit(s) today
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق