بن سلمان يعزز التعاون مع تركيا لإنتاج الأسلحة وتطوير الصناعات الدفاعية في السعودية
كتبت: بريجيت محمد
يسعى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى تأسيس صناعة دفاعية وطنية، مستهدفًا إنتاج 50% من احتياجات المملكة من الأسلحة محليًا بحلول عام 2030.
وفي هذا السياق، تتجه المملكة نحو تعزيز شراكاتها الدفاعية مع تركيا، التي شهدت نهضة هائلة في قطاع الصناعات العسكرية خلال السنوات الأخيرة.
تحول استراتيجي في سياسة التسلح السعودية
لطالما كانت السعودية من كبار مستوردي الأسلحة عالميًا، معتمدة بشكل أساسي على الموردين الغربيين. إلا أن التوجه الجديد يهدف إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز الإنتاج المحلي من خلال التعاون مع شركات تركية رائدة في هذا المجال، مثل “بايكار“ و**”أسيلسان”**، اللتين أثبتتا حضورهما القوي في سوق الصناعات الدفاعية العالمية.
اتفاقيات دفاعية بين الرياض وأنقرة
في الأشهر الأخيرة، شهد التعاون العسكري بين البلدين توقيع ثلاث اتفاقيات بارزة برعاية الأمير محمد بن سلمان، بين شركة الصناعات العسكرية السعودية “SAMI” وشركة “بايكار“ التركية، التي أسسها سلجوق بيرقدار، صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وتشمل الاتفاقيات تطوير أنظمة الدفاع الإلكتروني وإنشاء مراكز إنتاج لمكونات الطائرات القتالية بدون طيار.
كما أبرمت المملكة اتفاقية منفصلة مع شركة “فرغاني سبيس“ التركية، تهدف إلى تطوير تقنيات تُستخدم في قطاع الفضاء السعودي. وكانت السعودية قد حصلت سابقًا على طائرات مسيّرة من طراز “بيرقدار TB2″، كما أبرمت صفقة كبرى للحصول على النسخة المتطورة “أكينجي“، مما عزز التعاون العسكري بين البلدين.
التوسع في الإنتاج العسكري المشترك
لم يقتصر التعاون الدفاعي على الطائرات المسيّرة، بل يمتد ليشمل إنتاج الطائرات النفاثة التركية من طراز “كان“، التي تطورها أنقرة لاستبدال أسطولها من مقاتلات F-16 الأمريكية.
ويبدو أن هذه الطائرات باتت محط اهتمام السعودية، التي تسعى إلى تعزيز قدراتها الدفاعية وتنويع مصادر تسليحها.
دوافع استراتيجية لرؤية 2030
يأتي هذا التوجه في إطار “رؤية السعودية 2030“، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وتعزيز الصناعات العسكرية لخلق فرص عمل وتعزيز الشعور القومي بين المواطنين. كما يسعى الأمير محمد بن سلمان إلى تقليص الإنفاق الدفاعي الخارجي، الذي يثقل كاهل الميزانية السعودية، ويؤثر على علاقاتها مع الدول الغربية.
التحولات الجيوسياسية وتأثيرها على الرياض
تشهد المنطقة تغيرات استراتيجية كبرى، لا سيما مع عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى المشهد السياسي، إلى جانب تطورات الأزمة في غزة، والتي وضعت السعودية أمام تحديات جديدة في علاقاتها مع واشنطن. وفي ظل هذا المشهد، تسعى الرياض إلى توسيع تحالفاتها الدفاعية خارج الدائرة الغربية التقليدية.
انعكاسات إقليمية وتوترات مع إيران
ساهم التقارب العسكري بين أنقرة والرياض في زيادة التوترات مع إيران، التي رغم استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع السعودية، لا تزال تعتبرها منافسًا إقليميًا.
كما أن التطورات في سوريا، حيث فقدت إيران نفوذها مع سقوط نظام الأسد المدعوم إيرانيًا، ساهمت في تعزيز النفوذ التركي، مما أثار قلق طهران من تعاظم الشراكة الدفاعية بين السعودية وتركيا.
هذا التعاون العسكري المتنامي بين المملكة العربية السعودية وتركيا يمثل خطوة مهمة في مساعي الرياض لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعات الدفاعية. ومع استمرار التحولات الجيوسياسية في المنطقة، يبدو أن هذا التعاون سيشكل عنصرًا حاسمًا في إعادة تشكيل التوازنات العسكرية والاستراتيجية في الشرق الأوسط.