إيمان الهاشمي تحلق في سماءالإبداع..الجمهورية والعالم تحاور أول سيدة تعزف وتلحن وتؤلف أوركسترا بالإمارات
حاورتها د.أمل درويش
في حوار موسيقي رائع، واستكمالا لسلسلة من الإبداعات الفنية وأنامل نسائية تمتلك احساس فني من طراز خاص، حين تكتب تنقلك بأشعارها لعالم من السحر، وإذا عزفت حملتك ألحانها علي ظهر غيمة حانية وانتقلت بك إلي عالم من الخيال.
صداقة بريئة تلك التي نشأت بين أنامل رقيقة في عمر الخامسة وأصابع البيانو التي لا تعرف المجاملة، فمن عرف قدرها وعاملها باحترام وحنان نال منها أجمل الأنغام، ضيفتنا عرفت قدر هذه الأصابع جيدًا وأهدتها الكثير من الاهتمام فنالت منها أعذب الألحان.
حلقت الفنانة الإماراتية إيمان الهاشمي في سماء الإبداع لتسجل أسمها كأول عازفة بيانو وملحنة ومؤلف موسيقي أوركسترا في دولة الإمارات، حيث شاركت في أكثر من ١٥٠ فاعلية داخل دولة الإمارت، ومثلت دولتها حين عزفت في الجناح الإماراتي في معرض إكسبو ميلان 2015 لجمهور يفوق ٧٠٠ مشاهد في إيطاليا.
تصدرت الهاشمي وأبدعت كأول من لحنت لحنًا عسكريًا بآلات عسكرية خصيصًا ليوم الشهيد، وكتبت كلمات ولحنت “أوبريت زايد” ملحمة الشهيد أم الإمارات وغيرها.
تميزت أعمالها بمزج الآلات الشرقية والغربية، فقد كرمتها العديد من الهيئات ومنها تكريم جامعة العين في الإمارات.
وفي مجال الأدب كانت كتاباتها أيضًا مختلفة حيث أرادت أن تلقي الضوء علي موسيقي الحروف والكلمات في اللغة العربية فأصدرت كتاب (تفاحة إيمانيوتن)، كتاب ( جواز Suffer)، كتاب (الضحكباء)، كتاب (أنتَ تخدعك!)، كتاب (في غمضة أين؟)، كتاب (إيمانسترو) .
وفي حوار خاص مع “الجمهورية والعالم” تحدثنا “الهاشمي” عن مشوارها الحافل في العالم الموسيقي
متي بدأت لديكِ هواية العزف على البيانو..؟
أولاً أنا أراها هوية وليست هواية فالموسيقي وطن مستقل ولغته الألحان التي تتحدثها الأرواح بطلاقة، ولذلك لم أبدأ الموسيقى وإنما ولدت معي وفي دمي وربما قبل تكويني.
كيف نمت هذه الموهبة..؟
هي هبة من الله، حيث أسمع الألحان في رأسي وأري لون الموسيقي وبشكل غير إرادي أراني أعزف لحناً سمعته حواراً بيني وبين روحي، ووجدت في قراءة الكتب والفيديوهات التعليمية الكثير من الفائدة التي ساعدتني علي ترجمة هذه الألحان.
أول عازفة للبيانو في دولة الإمارات ، رحلة كفاح وتوهج ونجاح.. حدثينا عن هذه التجربة؟
أنا أول ملحنة أوركسترا إماراتية وأول من عزفت البيانو في يوم الموسيقى العالمي الذي احتضنته دولة الإمارات.
كيف كانت تجربتك مع التأليف الموسيقي..؟
كما قلت الموسيقى لغة الروح فحين يتحدث البشر يستخدمون ألسنتهم في حين تستخدم الأرواح الموسيقى وهي لغة مفهومة كالابتسامة في جميع الشعوب، ولذلك حين تحكي لي روحي قصة أصيغها على هيئة صوت مسموع تماماً كالكاتب الذي يصيغ الكلمات كتابة فيقرؤها الآخرون.
عزفتِ في كثير من المحافل داخل وخارج الإمارات.. ما هو شعورك وأنتِ تجلسين على المسرح والجميع يصغي إلي همس أناملك بشغف..؟
تختلف أحاسيسي .. ففي البداية أشعر بالمسؤولية كي أنقل كلمات روحي بشكل جيد وصحيح وما إن أبدأ العزف أكاد لا أرى أحداً سوى عالم آخر أرحل معه في رحلة جميلة وقصيرة بطول المقطوعة بالضبط.
الكتابة.. العزف .. التلحين.. والرسم..أقولها دائمًا الفنان لا يتجزأ.. كيف تميزتِ في كل هذه الفنون وأبدعتِ..؟
حسناً أحمد الله كثيراً علي نعمه التي يهبها لعباده وكالعادة أحياناً نرى ردود أفعال مختلفة لنفس الفعل أي أن يضحك الإنسان عند الحزن أو يغضب عند الخوف أو يبكي من شدة الفرح، وكذلك الروح أحياناً تعبر بالألحان أو برسم لوحة أو كتابة قصيدة وفقاً لردة فعلها على موقف معين.
ما هي رؤيتك الفلسفية في الكتابة والشعر..؟
أرى اللغة موسيقي كما أري الموسيقى لغة فحين أكتب أسمع لحن الكلمة فأصنع نغمةً في كتاباتي، وحين أعزف أقرأ حروفاً أصنع منها كلمات مسموعة، الشعر ترنيمة خاصة تستند بظهرها بالكامل على صوت الكلمة وانتقاء الحرف المناسب لوزن القصيد، ولهذا أراهما “أي الكتابة والموسيقي” جزء لا يتجزأ في داخلي.
بمن تأثرتِ في التأليف الموسيقي..؟
بالطبع تأثرت بجميع الموسيقيين في العالم، فالبعض يرى في ألحاني عمر خيرت والبعض يرى الرحباني والبعض يرى تشايكوفسكي وهكذا، فكل فنان وملحن يتأثر بغيره حتي العبقري موزارت تأثر جداً بألحان العظيم باخ، وكذلك الملحن برامز الذي كتب سيمفونية واحدة وأطلق عليها الخبراء السيمفونية العاشرة لبيتهوفن حيث تأثرت موسيقاه بها كثيراً، وهنالك الكثير وهذا أمر طبيعي فالروح تتحدث لغة واحدة تماما كالشعر أو نظم القصيد، فجميع الشعراء يكتبون لغة واحدة مثلاً ومتشابهة في الغزل أو الهجاء أو الرثاء، ولكنها تحمل طابع روح الشاعر نفسه وبالتالي فإن ألحاني تحمل معاني روحي لا إرادياً ورغما عني.
قمتِ بكتابة الموسيقى التصويرية لعدة أفلام، ما وجه الاختلاف بين التلحين، وتأليف موسيقى تصويرية خاصة بفيلم..؟
الفرق كبير جداً فأنا أشاهد الفيلم وأتخيل القصة وأشعر بما يجول في خاطر الجو العام للمشهد وبالتالي أستحضر اللحن بينما ألحاني العامة قد تأتي بدون مناسبة بل أحيانا في منامي وأحلامي فتراني أستيقظ لأكتب الجملة الموسيقية ثم أعود للنوم من جديد.
إيمان الهاشمي أول مايسترو إماراتية.. كيف وصلت لهذا المكان.. وهل يصعب على المرأة أن تقود فريق أوركسترا كامل..؟
الحمدلله كثيراً علي نعمة الإمارات، فبلادي عكفت علي تمكين المرأة وعملت علي أن تبرع في جميع المجالات ولذلك يجب علينا أن نعبر عن شكرنا وامتنانا لهذه الثقة الكبيرة وأن نجتهد أكثر وأكثر لنكون عند حسن ظن بلادنا الحبيبة والتي لولاها (بعد فضل الله طبعا) لما وصلت إلى هذه المكانة الطيبة.
كيف كان إحساسك وأنتِ تشاركين في إكسبو ميلان ٢٠١٥ في إيطاليا..؟
عزمت علي العزف بالزي الإماراتي والإسلامي وهذا بحد ذاته رسالة فخر لي ولبلادي وحتي أقول للعالم أن الموسيقى لغة تخرج من روحي لتحاور أرواحكم بعيداً عن العنصرية الكريهة والخواص المادية في الحياة بشكل عام، وهكذا كانت سعادتي لا توصف بين أكثر من ٧٠٠ متفرج من جميع الجنسيات يصفقون بحرارة لألحاني.
حدثينا عن مشاركتك في لجنة تحكيم مسابقة مواهب موسيقية، خاصةً أنها المرة الأولي التي تشارك فيها ملحنة إماراتية؟
شاركت في أكثر من ٦ مسابقات في لجان التحكيم وبالفعل كنت أول ملحنة تقوم بذلك، واكتشفت عدة مواهب جميلة وتحتاج إلى الرعاية والصقل وأنا سعيدة جداً بهذا، فالخير يجب أن ينتشر بين البشر والموسيقى حق من حقوق الإنسان.
ما هي المعوقات التي تقابل المرأة عندما تحاول إثبات موهبتها وقدراتها..؟
بصراحة هنالك معوقات كثيرة ولكن من وجهة نظري إن العائق الوحيد هو النفس، فالإنسان هو الوحيد الذي يقرر أن يُهزم ببساطة لأن الروح لا تُقتل أبداً وإنما الأجساد أي باختصار لاشيء في هذه الدنيا كلها يستطيع قتل روحك سواك أنت.
تولي دولة الإمارات الكثير من الاهتمام والدعم لذوي الهمم..حدثينا عن مشاركاتك ودعمكِ لهم ومشروعك الجديد لتدريب أطفال “التوحد”
أعمل تطوعياً مع أطفال التوحد وأصحاب الهمم منذ أكثر من ٦ سنوات، وهذا واجب وطني وإنساني وديني يجب أن يقوم به الفرد تجاه مجتمعه ونفسه لتطهيرها من شوائب الحياة وقسوتها، فالخير الذي تزرعه سيعود حتماً بأمر الله تعالى.
في ظل جائحة كورونا والامتثال للحظر لتقليل فرص انتشار المرض قمتِ بمبادرة ناجحة، وأقصد هنا معهد فانتازيا لتعليم الباليه.. حدثينا أكثر عن هذه المبادرة وما لاقته من نجاح
في كل أزمة سلبية هنالك نظرة إيجابية وهكذا استطعت من خلال وجودي خلف أربعة جدران في منزلي أن أجعل موسيقاي ترقص علي قدمين لأول مرة، وذلك لأثبت للعالم أن لا شيء يستطيع أن يقف أمام أحلامك وطموحاتك أينما كنت وكيفما كانت الأوضاع.
ما هي أحلامك وطموحاتك..؟
الحمد لله كثيراً علي أنني حققت جميع أحلامي وأنا بصدد ولادة أحلام جديدة كل يوم، فأحلامي سقفها الفضاء وما إن أفرغ من حلم حتي أضيف حلماً آخر، علي أن يكون صالحاً وموجها للخير ويحمل جميع معاني الإنسانية، حاليا أتمنى أن نعزف الألحان الإماراتية في الفضاء وأن نسمع موسيقانا في السينما العالمية كموسيقى تصويرية وأن نصنع جيلاً مسالماً يحب الخير ويجيد التعبير عن نفسه بشكل سلمي وصحيح.
لديكِ عدة مؤلفات ما بين شعر وأدب، فهل هناك مؤلفات جديدة ..؟
نعم أعمل حالياً على كتابة الجزء الثاني من موسوعة الموسيقيين العالميين وسوف أقوم بالانتهاء منها قريباً ونشرها في أقرب وقت ممكن بإذن الله تعالى.
رسالتك للشباب الذين يهدرون أوقاتهم ..؟
هم لا يهدرون أوقاتهم ولا قوتهم ولا حياتهم فقط، وإنما يخسرون علاقتهم مع أرواحهم، فالإنسان الضائع يضيع من داخله أولاً حتي لا يجد نفسه في مرآته وهنا يكمن الخطر، ولذلك أنصحهم بالتواصل بالحوار مع أنفسهم وبناء جسر للتواصل مع أرواحهم بحثاً عن الفطرة السليمة التي خلقنا عليها جميعا.
اقرأ أيضا:
بالفيديو .. إبداعات فنية بأنامل نسائية.. الجمهورية والعالم تحاور الفنانة أماني فكري
” جريدة الجمهورية والعالم ” تحاور الشاعرة والاديبة اللبنانية نسرين بلوط
التعليقات متوقفه