انفجار بيروت تزامنًا مع ذكرى قنبلة هيروشيما..

966

كتبت د. أمل درويش.

تزامنًا مع إحياء اليابان للذكرى الـ ٧٥ لإلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما، تعلقت كل عيون العالم بمتابعة انفجارٍ مدوٍ أعادت غيومه البيضاء للأذهان صورة الغيمة الكبيرة التي خلفها انفجار تلك القنبلة الذرية من قبل، ولكن هذه المرة لم تكن خلال حرب، أ~~و تبعت تهديدات أو مهلة أو نحو ذلك من شؤون الحروب~~؛ بل جاءت مباغتة فراح ضحيتها آلاف الأبرياء ما بين شهداء ومصابين ومن أصبحوا مشردين دون مأوى، وخلفت دمارًا تعدت قيمته حتى الآن ١٥ مليار دولارًا..

ولكي نفهم حقيقة ما حدث كان لنا هذا اللقاء مع الدكتورة فاتن العطار رئيس قسم صحة البيئة بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي سابقاً، ومدير عام إحدى مؤسسات للاستشارات البيئية..

بالبداية دعونا نتعرف على مادة نترات الآمونيوم، هذا المركب الكيميائي يوجد في شكل بلورات عديمة اللون، سهلة الانحلال في الماء..

تستخدم في صناعة المتفجرات في المناجم والإنشاءات وشق الطرق والأنفاق، وكذلك في صناعة الأسمدة ومخصبات التربة نظرًا لمحتواها العالي من النيتروجين.

وتكون هذه المادة مستقرة للغاية في الظروف العادية، ولكنها تصبح قابلة للانفجار عند تعرضها للملوثات أو زيت الوقود، مع ارتفاع درجات الحرارة والضغط العالي كما في حالات الحريق.

مما يؤدي إلى سلسلة من التفاعلات؛ فعندما ترتفع درجة الحرارة إلى ٧٦درجة سيليزية تبدأ نترات الآمونيوم في التحلل، ومع التسخين السريع كالحريق أو حدوث انفجار يمكن أن يحدث تفاعل كيميائي يحلل نترات الآمونيوم إلى غازي النيتروچين والأكچسين وبخار الماء، وهذه النواتج غير ضارة بحد ذاتها، إذ أنها تتواجد بالفعل في غلافنا الجوي بصورة اعتيادية، ولكن هذه العملية تطلق كميات هائلة من الطاقة التي تمنحها خاصية الانفجار الهائل عند تواجدها في أماكن مغلقة..

وقد لا تتفجر كميات نترات الآمونيوم بالكامل لتنتج الأكسجين والنيتروجين، إذ تتحلل كميات منها ببطئ مما ينتج غازات سامة مثل أكاسيد النيتروجين، وهذه الغازات هي المسؤولة عن عامود الدخان الأحمر- البني الذي شوهد في أعقاب انفجار بيروت.

وبعد اندلاع كرة النار يمكنك أن تشاهد على الفور موجة الصدمة تتسع بعيدًا عن الانفجار، اذ يتم تكثيف الرطوبة في الهواء بسرعة لتشكل كرة بيضاء حول منطقة الانفجار “فيما شبهه البعض بالانفجار النووي”

وما زال الحديث على لسان الدكتورة فاتن: هذه ليست الحادثة الأولى من نوعها في العالم؛ فقد وقع انفجار ضخم في عام ٢٠١٥ في ميناء تيانجين في الصين سببه حوالي ٨٠٠ طن من مادة نترات الآمونيوم أسفر عنه مقتل ١٧٣ شخصًا.

كما حدث انفجار مثيل آخر يُعد أسوأ حادث صناعي في تاريخ الولايات المتحدة عام ١٩٤٧ حيث اشتعلت النيران في سفينة في ميناء مدينة تكساس تحمل ما يقرب من ٢٣٠٠ طن من نترات الآمونيوم تسبب في اندلاعه سيجارة تخلص منها أحدهم بإهمال، فأدت إلى سلسلة من الانفجارات أودت بحياة ٥٨١ شخصًا.

وقد استخدمت مادة نترات الآمونيوم في العديد من الهجمات الإرهابية بما فيها تفجير مدينة أوكلاهوما في عام ١٩٩٥

إلى هنا انتهى تعقيب الدكتورة فاتن العطار من وجهة النظر العلمية..

حصيلة انفجارات بيروت 300 ألف لبناني بلا مأوى و5 مليارات دولار خسائر و135 قتيل و5000 جريح والسيسي يؤكد تضامن مصر حكومة وشعبا مع الأشقاء في لبنان

ونعود لحادث بيروت حيث ذكرت التقارير الخاصة بشأن الانفجار أنه كان يوجد بالفعل حوالي ٢٨٠٠ طن من مادة نترات الآمونيوم مخزنة منذ ما يزيد عن ستة سنوات في منطقة مرفأ بيروت.

على الرغم من أن تخزين هذه الكميات لمدة طويلة يعد أمر بالغ الخطورة في ظروف تحتاج الى إجراءات سلامة وقائية بالغة بالإضافة إلى صدور تقرير قبيل الحادث بأشهر يحذر من خطورة الوضع، و نظراً لعدم سرية هذه المعلومات على ما يبدو، فقد أظهر ذلك العديد من الاحتمالات ما بين نظرية الإهمال التي أعلنتها الحكومة منذ اندلاع الانفجارين، وما بين نظرية الاعتداء المدبر الذي ما إن وقع أعلنت إسرائيل إخلاء مسؤوليتها وعدم نيتها في دخول حرب مع جماعة حزب الله..

وقد صرح رئيس الولايات المتحدة بأن الخبراء يرجحون أن يكون سبب الانفجار  ناجم عن هجوم..

خاصة أن البعض ربط حديث رئيس وزراء إسرائيل يوم الثلاثاء الماضي وقوله “إن إسرائيل ستقوم بكل ما يمكنها للدفاع عن نفسها”

في ظل التوتر على الحدود اللبنانية وضرب إسرائيل للخلية التي حاولت زرع عبوة ناسفة على السياج الحدودي جنوب الجولان وقد تم إحباطها، وأشار نتانياهو في تهديد مباشر لحزب الله قائلاً: “إن على حزب الله أن يفهم الرسالة جيدًا”

فماذا ستكشف لنا الأيام المقبلة؟

وهل تتوقع إسرائيل ضربة مماثلة، خاصة بعدما أعلن نتانياهو حالة الاستنفار والتأهب لحل مشكلة ميناء حيفا التي من الممكن أن تتعرض لكارثة مماثلة نظرًا لوجود خزانات ضخمة تحتوي على الآمونيا ومادة البروم.

خاصةً بعد تداول مقطع فيديو قديم للأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله منذ عام ٢٠١٦ يتحدث فيه عن قدرة الحزب على ضرب مخازن الأمونيا في ميناء حيفا.

وقال نصر الله إن “بعض الصواريخ من عندنا بالإضافة إلى حاويات الأمونيا في ميناء حيفا نتيجتهم نتيجة قنبلة نووية… بمنطقة يسكنها ٨٠٠ ألف نسمة يُقتل منهم عشرات الآلاف”.

عشرات الأسئلة ما زالت مطروحة، تنتظر الكثير من الإجابات..

Visited 19 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه