بريجيت محمد
مايحدث فى العالم العربى والإسلامي يستحق التأمل والبحث عن استغلال الجماعات المتطرفة للدين وتشويه النصوص الدينية، واستخدامها خارج سياقها ،يدمرون ما يخالفهم أو من يعارضهم لتبرير عمليات القتل والتعذيب والوحشية التي يرتكبونها لتحقيق مآربهم الشخصية وتدمير العقل والحضارة الإنسانية .
وما نراه فى ليبيا واليمن وسوريا ولبنان وحتى الصومال يجعلنا فى حاجة ملحة لتنقيح الخطاب الديني كي يفهم الشباب النصوص القرآنية في سياقها الصحيح ولا يتم تضليلهم بخرافات ما انزل الله بها من سلطان.
ان مايحدث فى معظم البلاد العربية من تشرذم و قتلٍ وعنفٍ مسلّح، واقتتالٍ داخلي تحت مظلّة دينية وشعارات إسلامية واستقطاب قطاعاتٍ واسعة من أجيال شابّة عربية وإسلامية، بسبب طغيان الفكر الظلامي، وأيضاً بسبب غياب فعالية الفكر الديني السليم، جعلنى اتذكر نزار قبانى عندما قال فى قصيدة بلقيس الموتُ في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا ..وفي مفتاح شِقَّتِنَا ..وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا ..وفي وَرَقِ الجرائدِ ..والحروفِ الأبجديَّةْ …ها نحنُ .. يا بلقيسُ ..ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ ..ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ ..والتخلّفِ .. والبشاعةِ .. والوَضَاعةِ ..ندخُلُ مرةً أُخرى .. عُصُورَ البربريَّةْ ..
كل هذا جعلنى اطرح هذا السؤال “الذى توجهت به لبعض ممن امتهنوا الصحافة وزاولوا الأدب” :ماهى العوامل النفسية والاجتماعية التي تدفع الفرد الي مسايرة الجماعة وهل يحدث للفرد غسيل مخ عند اتباعه لهم؟
البعض أجاب بكل أريحية، موضحا الأسباب والعلاقة بينهما، والبعض اعتذر بكل لباقة ومحبة، وأستطيع أن أجد له العذر الكافي لأن معظم كتاب هذه الأمة يخشون قنابل ورصاص الجماعات الارهاب،
فى البداية قالت الكاتبة والشاعرة اللبنانية نسرين بلوط للجمهورية والعالم : إنّ الإمتثال الأعمى الذي يتجسّد في شخصية الفرد اتجاه الجماعة التي ينتمي إليها، وفي استجابةٍ عمياء لا رادّ عنها حتى الموت، منبعها الضعف المتغلغل في النفوس والنقص في التركيبة السيكولوجية في شخصيته.
وأضافت :تعمل الجماعة بدورها على تدعيم هذه الاستجابة السلوكية من الفرد بتأهيله وتدريبه وتحفيزه وتجهيزه لكلّ الإحتمالات، وغرس عقائد ومفاهيم معيّنة في فكره تجيّش بها عواطفه وتلبسها عمامة الإنقياد اللاشعوري حتى ولو كان إلى حتفه الأخير.
وأكدت الكاتبة اللبنانية على ان هذه المدعمات والمغريات التي تقدّمها الجماعة للفرد تجذبه بحبلٍ بلّوري إلى انعكاس آرائها بشكلٍ كامل في شخصيته وتطبيعه على تقبّلها بلا مناقشة، فتشكّل له مفاهيمه وتوقّعاته، هذا التطويع الكلّي يجعله طوع بنانها ويلغي عنده المنطق والفكر، في استجابةٍ شبيهة بالسحر العجيب، فتغسل له ذهنه وتدرّبه على رؤية كلّ الأشياء والأمور بمنظورها الخاص فقط، فتسري أفكارهم ومفاهيمهم في هيكل شخصيته وتحتلّها احتلالاً غاشماً.
وأضافت :لقد حلّل فرويد نظرية ارتباط الفرد الأعمى بالجماعة بملاحظته بأنّ سلوك الفرد داخل الجماعة يظهر بمظهر مغاير عن سلوكه الفردي إذا كان منعزلاً عنها، وذلك يثبّت عملية غسيل الأدمغة التي تمارسها هذه الجماعة على أفرادها، ربما يعود السببُ إلى ضعفِ الفردِ نفسِه وشعورِه بالنقصِ الإجتماعي، فتنتهزُ الجماعةُ الفرصةَ في احتوائه واحتضانِه وإيهامِها له بأنّه عنصرٌ فعّالٌ فيها، وأنّ دورَه كبير ويعوّل عليه، فيشعرُ بالحاجة الدائمة لها، بل يصبحُ حارسَها الأمين لحاجتِه الدائمة لعنصرِ الأمان الذي وهبته له، مادياً ومعنوياً، وسواء كانت تلك الجماعة دينية أو سياسية أو إرهابية. فتستعر نيرانُ الإنتقامِ في جوف روحه ضدّ كلّ من يريدُ بتلك الجماعة شرّاً من وجهةِ نظره، هذه الأحجية التي باتت تغلّف روحه تلبسه قبل أن يلبسها وتلعنه قبل أن يعرف خطورتها، وقد يرى الخطر الذي يرشحُ منها بعينيه ولكنّه يعرض عنه ولا يقيم له وزناً ولهذا نعجبُ من مشهدِ انتحاريٍّ يذهبُ ثابتَ الخطى إلى موتِه الأخير ونتساءلُ عن الشجاعة الفائقة التي تملّكت روحه، ولكنه في الحقيقة واقعٌ تحت تأثيرٍ مغناطيسيٍّ من ظلالِ جماعته التي باتت تمثّل له نقطة البداية والنهاية. وهو مجرّد أداة لتنفيذ رغباتها وخططها اللوجستية أو العسكرية أو النفسية.
وأكدت على ان تطليق المنطق هو شعارُ هذه الجماعة في بثّه في نفوسِ تابعيها، فالأفرادُ الذين يفكّرون قد يتغيّرون، أمّا الذين يستسلمون فهم راضخون، مهما رسمت لهم من طريقٍ محدودب المسالك، فهم طائعون خانعون. وقد تمارسُ عليهم لغة الخطاب المقنع، فنرى القائدَ منهم يخطبُ فيهم وفي أتباعه ممّن حوله بلهجةٍ هادئة مريحة وبابتسامة تبثّ الثقة والطمأنينة في القلوب، وهو رابط الجأش متأهّب الإجابة على أيّ سؤال قد يُطرح، حتّى يبلغ مرتبة التقديس بالنسبة إليهم ويكون منزّهاً عن الخطأ مهما اقترح من آراءٍ متناقضة أو غير منطقية وصائبة. وفعلاً نرى بعض الأحزاب بأفرادها تمشي وراء زعمائها بتبعية عمياء، فترى في عيونهم نور الحق وفي تحرّكاتهم كلّ الحق. وكأنّها تضعهم في مرتبة الأنبياء والملائكة.
واشارت بلوط الى ان علاجُ الفرد من تبعيته للجماعة ليس بالسهل وقد كتبت روايات كثيرة وأعمال أدبية خالدة عن هذا النوع من المرض النفسي انتهت ببعض أبطالها إلى الجنون أو الإنتحار أو الضياع نفسه.
” جريدة الجمهورية والعالم ” تحاور الشاعرة والاديبة اللبنانية نسرين بلوط
أما الشاعر على معوض عضو نقابة إتحاد كتاب مصر وعضو المنظمة العالمية ﻹتحاد الكتاب اﻷفريقيين واﻵسيويين فقال:
حين يتبع الجماعة لأى من الأسباب يقودوه الى مايريدونه ويتبعهم وينفذ أوامرهم دون التفكير فى ماهية هذه الأوامر إرضاءا لهم وحبا فيما يتقاضاه من مال فى ظل ظروف اقتصادية صعبة فى منطقتنا العربية ….
والمصيبة أنه لا يعمل عقله ويجعله متلقيا فقط وهو أداة للتنفيذ ..
رغم فرضية ان الانفجار كان عرضيا فان ذلك لم يبرئ الجماعات الارهابية مثل حزب الله وجماعة الاخوان المسلمين انهم مثل الشياطين لا يريدون لهذه الامة التقدم والنهضة – انهم مثل الخفافيش – شكرا للصحفية بريجيت وللكاتبة الرائعة نسرين بلوط على هذا التحقيق المهم فى هذا الوقت .