الشاعر وليد علاء الدين:
- لا أؤمن بفكرة الإبداع وخلق الكون..
- هدف الكتابة هو الدفاع عن الحق.
متابعة د /أمل درويش
لطالما تعددت روافد التعبير عن الذات لتشترك جميعها في وصف حالة وجدانية تكتنفها، ويبقى تأثيرها بداخل الروح..
قد يفلح المبدع في التعبير عن جزء من هذه الحالة الشعورية، وقد يظل مكابدًا في صراع بينه وبينها محاولًا الوصول لوصفها دون أن يصل لما يرضي شغفه، وتقديره لهذه الحالة.
ولكن ماذا يحدث بعد ذلك؟
هل يمكن للمبدع أن يُرضي جميع الأطراف؟! وهل يمكنه تغيير الواقع للأفضل؟
فكثيرًا ما عانى الكتاب سواء قديمًا أو في عصرنا الحالي من أزمة مع معاصريهم، ومتابعي إبداعاتهم، تلك الأزمة التي تجعل الكاتب يصطدم بالكثير من الموروثات والقوالب الجامدة الغير قابلة للنقاش، سواء أكانت عقائدية أو وطنية وربما علمية..
ويقفز هنا سؤال مهم هل الحق كما تراه عيون الكاتب وبصيرته، أم الحق كما يراه الآخرون؟!
وفي كلتا الحالتين يبقى في صراع داخلي، فهو في كل الأحوال لن يرضي الجميع، ولن يحقق المعادلة العنيدة؛ فالحقيقة نسبية وليست مطلقة ولها العديد من الأوجه التي لا تظهرها للجميع.
كان لي شرف متابعة هذا الحوار الفلسفي على منصة الفيسبوك ذلك الحوار الذي طرق فيه الشاعر والروائي الكبير الأستاذ محمد غنيم بأسئلته الفلسفية بوابة أفكار وعالم الشاعر والكاتب وليد علاء الدين، ليفتح لنا سبيلًا نسبر فيه أغوار أفكاره ونستكشف معاني مفرداته من خلال رسومه ومنحوتاته التي تعبر هي وكلماته عن مكنون هذه الأفكار..
- أيهما أفضل النحت أم الرسم أم الشعر ؟
-لا أفضلية سوى في لحظة اللعب نفسها، أشعر أنها كلها نباتات من حقل واحد: خيال مكبوت مكبل بطبيعته داخل صندوق الذهن، يضجّ ويحاول أن يتحرر في أداء مادي ملموس يمكن مشاركته مع الناس..
- هل تريد أن تصنع حلمك بنفسك؟
-لا أعرف، إنما لا أهدأ ولا أَجِد الراحة إلا في مواصلة اللعب والتجريب وتغذية الفضول واستكشاف قدرات جديدة.
- هل هذا الفضول أوصلك لشيء ما ؟ وهل الإبداع أشبه ما يكون بخلق الكون؟
-لا أنتظر الوصول إلى أي شيء، ولا أؤمن بفكرة الإبداع وخلق الكون.
الأمر أشبه باللعب أو هو بالفعل لعب ولكنه لعب لا يمكن الفرار منه، رغم ما يمثله من عناء سواء في الوقت الذي يستغرقه أو المجهود الذي يتطلبه، إذا هربت منه ضجّ الخيال في الذهن، إنه لعب تحت تهديد الخيال الجامح وبرعاية الفضول والقلق
- إذن اللعب لحظة خلق وامتاعا للقلب والعقل ونفع للناس؟
-الأمر نسبي تمامًا.. ما ننتجه في لحظات لعبنا يروق البعض ولا يروق آخرين. أو يروق بعضه البعضَ ولا يروقهم بعضُه الآخر.. يروق .. يمتع.. يفيد .. يسلي .. يثير.. يشغل، يستفز .. كلها وظائف ربما للمنتج الإبداعي أدبي أو فني ولكن درجات تحققها مشروطة بالمتلقي
- هل ورثت هذه الرؤية؟
-بل تشكلت وتتشكل على مهل مع كل محاولة إنتاج وكل رحلة قراءة .. هي ليست جديدة ولا مبتكرة نحن الجدد في طريق قطعها ملايين قبلنا و تتكشف لنا الرؤى خلال رحلتنا بقدر انتباهنا وإصغائنا وانشغالنا بكل خطوة
- هل أنت متمرد خلاق علي قوانين الوجود؟
-مجرد طفل كبير يلعب..
المشكلة إنها ألعاب يبدو التوقف عنها مستحيلا، علمتني التجربة أنني أرتبك وأكتئب وتفسد روحي إذا تجاهلت رغبتي في اللعب كتابة أو رسمًا أو موسيقى، شيء يشبه اللعنة التي كانت تلقيها الآلهة في الأساطير على البشر.
- هل يعاني الكاتب من أزمة في قول الحق؟
-ليس هدف الكتابة قول الحق أو الصمت عنه، وإنما الدفاع عن الحق كفكرة وقيمة ونقل الإحساس به إلى الآخرين، على أن يتم ذلك عبر الفن وليس الوعظ ولا الخطابة ..
الكتابة ليست بياناً سياسياً أو اجتماعياً إلا بقدر ما يستطيع الفن تجسيده من هذه النواحي دون أن يتخلى عن جمالياته وفنياته -التي وإن تغيرت بتغير الزمن والثقافة فإنها تظل دوماً مختلفة عن شهادة الشاهد أمام المحكمة أو بيان السياسي أو المحلل الاجتماعي أو الباحث-
الخلاصة في رأيي أن واجب الكاتب (أتحدث عن الأدب) أن يجد دوماً طريقةً لقول الحق أو ما يراه حقًا. وهذا الواجب أظنه أحد دوافع تطور وتغير أشكال الأدب وظهور مدارس كالرمزية والواقعية والفانتازيا والتاريخية وغيرها .. أظنها في الأساس محاولات التفاف على ظروف المجتمع والسياسة والحياة انعكست في أشكال ومدارس..
إنها مهمة الأديب في المقام الأول أن يجد طريقة لقول ما يراه حقاً .
التعليقات متوقفه