البناء الدرامي من خلال العنوان والقصيدة العربية المعاصرة قصيدة هذا مقام الصابرين لأشرف قاسم:

343

بقلم د/ ربيعة حنيش “المركز الجامعي تيبازة”

تبرز أهمية العنوان في الأدب الحديث بصورة عامة وفي الشعر الحديث بصورة خاصة، اللذين لم يعد فيهما العنوان مجرد مرشد للعمل، يمر عليه القارئ مرورا سريعا متوجها إلى النص، وإنما أصبح جزءا من المبنى الاستراتيجي للنص، فعلاقته بالنص أصبحت بالغة التعقيد وإلى امتلاكه طاقة توجيهية.

وقد تنبه فيري إلى أن موقع العنوان فوق النص يمنحه سلطة، لأنه يخبر القارئ الذي لم يقرأ النص شيئا ما عن هذا النص، فيصف العمل الدرامي ويشرحه للقارئ قبل ان يتوغل فيه ويفك شيفرات النص الذي يمثل العتبة الثانية لهذا العمل.

اختار الشاعر أشرف قاسم عنوانا لقصيدته، فتعمد استخدام مفردات لغة انزياحية، ذات دلالات مثيرة، جعلت العنوان”مقام الصابرين” عتبة مناسبة لنصوصه الشعرية المليئة بالاثارة والجمالية التي تجعل القارئ متشوقا بعد كل سطر يقرأه، وهو الذي شوقته عتبة العنوان فجرته جرا لتذوق السطور الشعرية للشاعر، والتي تشكلت فيها الدراما كجزء مهم يكتمل من خلالها بناء القصيدة.

وقد أخذت كلمة دراما من اللغة الإغريقية القديمة ” δρᾶμα”  وتعني “العمل”، وتأتي أيضاً بمعنى التناقض حيث إنها كلمة مشتقة من عدة أسماء لكتاب وفلاسفة مشهورين، حيث يجتمع في هذا النوع من التمثيل خليط من الضحك والجد والواقع والخوف والحزن.

يمكن القول أن الدراما هي النواة الحقيقية لكافة الفنون التي عرفتها شعوب الحضارات القديمة، إلا أن تلك الشعوب لم تضع الدراما ضمن إطار مسرحي أو تستثمرها تحت مسمًى فنيًا آخر، ولم تكن ضمن أسلوب معيشتهم أو سياقهم الاجتماعي، على عكس الإغريق فقد كانت الدراما جزءًا رئيسًا من حياتهم وعقليتهم التي يفكرون بها؛ لذا فهم أدركوها أكثر من غيرهم، ووضعوها في إطارها الصحيح. يمكن القول بأن حضارة الإغريقيين تشترك مع الحضارات الأخرى في كونها نشأت ضمن إطارٍ ديني ووجداني (عبادة ديونيسوس إله الخمر).[1]

يمكن اعتبار المهرجانات الأتيكية الشتوية التي تتضمن موكب الأغنية الفاللية مهدًا للكوميديا وهي إحدى فروع الدراما الثلاث، تأتي التراجيديا بوصفهًا مركزًا ثانويًا للكوميديا ومقر نشأتها هو مهرجانات ديونيسوس الربيعية ضمن أغنية ديثورامبوس التي تؤديها الجوقة، ومن هنا بدأت تتشكل صورة المسرحية بوصفها ثالث فروع الدراما بدءًا من النموذج الإلهي ديونيسوس الذي حظي بأحداث كثيرة في تكوينه الأسطوري، ليصبح الأب للنوع المسرحي من المأساة، وأسس قاعدةً درامية مؤهلة لأن تصبح مسرحًا، كالقوى والعابدات الذين أصبح يقوم بدورهم المؤدون، والطقوس التي تحولت بمرور الوقت إلى عرضًا مسرحيًا تنكريًا.[2]

خرج الديثورامبوس عن دائرة الحوارات الشعرية ومركزية ديونيسوس الموضوعية، وأصبح الممثل لأول مرة يشغل دورًا مستقلاً في مقابل المغني والراقص، بعد أن كان دوره يقتصر على إجابة الأسئلة ضمن حوارٍ مع مؤدو الجوقة، هذا التعديل تحديدًا وضع الديثورامبوس ضمن نطاق الدراما، فقد تحولت من أغنيةٍ إلى تمثيلية.[3]

قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة أن علاقة الشعر بالدراما علاقة تنابذ، على الرغم من أن الشعر اليوناني، كما انتهى إلينا كان دراميا، وهذا الشعر هو الذي أولاه أرسطو كامل اعتباره كما هو معروف، غير أن نقد أرسطو الذي تبلور في سياق تطور المدينة اليونانية وتبلور الوعي الديمقراطي اليوناني  لم ينصب على الشعر الدرامي باعتباره شعرا ممتازا، إلا لأنه يعتمد لغة ممتازة تمارس التخييل كأية لغة إبداعية، ولذلك ركز في معرض تحليله لمكونات الشعر الدرامي على الحدث المفعول فيه بذوات ولغات متعددة.
وهنا بالضبط يختلف منحى التحليل الأرسطي عن المنحى التحليلي العام الذي سار فيه نقد الشعر العربي.

[1] - أحمد عثمان: الأدب الإغريقي تراثًا إنسانيا وعالميًا، ط 2، 1998.

[1] -  أحمد عثمان. الأدب الإغريقي تراثًا ومسرحًا.

[1] - المرجع نفسه.

لقد انتبه ابن سيناء قديما إلى هذا الاختلاف حين أشار إلى أن الشعر اليوناني ” إنما كان يقصد به في أكثر الأمر، محاكاةالأفعال والأحوال لا غير، وأما الذوات فلم يكونوا يشتغلون أصلا بمحاكاتها كاشتغال العرب.[4]

وإذا كان الإنسان بمختلف أبعاده هو محور الشعر على الدوام، فقد كان مع القصيدة العربية الشفوية إلى حدود ما قبل السياب كائنا نموذجيا متعاليا سواء بالمعنى الكلاسيكي أو بالمعنى الرومانسي. ويعتبر ت . س إليوت أول من وضع اليد على هذا التطور النوعي للشعر العالمي حين نبه إلى خاصيته الدرامية الجديدة، ففي الشعر هناك ثلاثة أصوات : ” صوت الشاعر وهو يتحدث إلى نفسه أو لا يتحدث إلى أحد، والثاني صوت الشاعر وهو يتحدث إلى جمهور صغيرا كان أو كبيرا.

أما الثالث فهو صوت الشاعر وهو يحاول خلق شخصية درامية تتحدث… وتخاطب أخرى.”[5]

ونجد هذا في قول الشاعر أشرف قاسم:

لكَ ما تريدُ

أكتبْ وصيتك الأخيرةَ

لي سؤال واحدٌ

مَنْ ذا سيقرأُ ما ستكتبُ ؟*

لما اهتدت القصيدة المعاصرة إلى شكلها الجديد، وفتحت نازك الملائكة مجالات رحبة للقول الشعري لم تكن متوفرة إلا في حدوس الشعراء الكبار منذ تأبط شرا، ومع هذا الفتح انتقلت القصيدة العربية من موجة النهضة إلى موجة الحداثة، فتعقدت أمامها السبل، فمن حداثة منفتحة على التراث العربي الإسلامي، ومن خلاله على التراث الإنساني انفتاح تناص وتخييل، إلى حداثة هاربة نحو المستقبل الهارب من ذاته، وكل ذلك في ارتباط مع الحداثة الشعرية الغربية، ومن ” وضع يتجاوز اللغة من اللغة، إلى وضع يتجاوز اللغة من اللالغة… الشيء الذي أدى إلى حداثة تسعى إلى التعبير على حساب تغييب الأداة نظما وصرفا وبلاغة. “[6]  يتعلق الأمر إذن بانعطافة شعرية هائلة . ولأنها انعطافة حداثية، فقد تعددت أمامها السبل في سياق تاريخي كان لا يحتاج إلى ضباب تفتقد فيه بوصلة كل شيء .
وإذا كان السياب قد فتح باب الحداثة الشعرية العربية فتحا عمليا دون لغط نظري، وبصورة تجعل ذلك الباب يلتقط من الأشعة ما هو ممكن، بحيث لا يجعل البصر دائخا يرى ولا يرى، فإن نازك الملائكة ـ التي حاولت وضع حدود محرمة ” كما هو الشأن مع التفعيلة الخماسية والتساعية “[7]. . . أو كما هو الشأن مع قصيدة النثر ” [8]

سعت من حيث لا تدري إلى خنق فاعلية الحداثة الشعرية العربية، ولذلك نال كتابها الشهير من النقد ما يحتمل أحيانا وما لا يحتمل أحيانا أخرى،  وعلى الرغم من كل شيء ، تبقى لهذا الكتاب قيمته الخاصة. لقد فتح الباب للحديث عن شعر آخر امتلك شرعية وجوده كشعر هارب من الشكل المقدس، ويبحث باستمرار عن شكله الممكن في سياق ثقافي أقل ما يقال عنه أنه كابح، وفي سياق تاريخي كان يريد أن يكون دافعا.
غير أن قيمة الشعر العربي المعاصر بقدر ما تكمن في قدرته على تجاوز شكل شعري قاهر، بقدر ما تكمن في رؤيته الجديدة لكل شيء: الوزن، الإيقاع، الرمز، الأسطورة، البناء، المضمون، الرؤية. . . وإذا كانت ملامح التجاوز في القصيدة العربية الحداثية كثيرة، فإن الملمح الأساسي المرتبط بموضوعنا يتمثل في تحريرها للمتلقي من سلبية الاستماع إلى إيجابية القراءة، لقد أدخلته عنوة إلى حلبة الكتابة عنصرا فاعلا. ومن هنا ” أمكن القول أن هذا النوع من القصيدة الكتابية يمثل انزياحا مضاعفا، أو هو انزياح على انزياح: ينتصب الأول في الكلام نفسه، وينتصب الثاني في ظرف الكلام ولبوسه: في طريقة الكتابة وتشكيل الكلام تشكيلا معينا على الصفحة . “[9]

[1] - ابن سيناء: " تلخيص فن الشعر " أورده محمد العمري في مقالته " تلخيص الكليات في قراءة الشعر" مجلة: فكر ونقد. المغرب ع : 8 س : 1988، ص : 101 وما بعدها .

[1] - مقالات في النقد الأدبي " أورده عبد الله راجع في كتابه: " القصيدة المغربية المعاصرة: بنية الشهادة والاستشهاد " ص: 198.

[1] - محمد السرغيني: الشعر والتجربة، بتصرف. مجلة الوحدة: م. س ص: 133.

يقول أشرف قاسم:

في وجه مَنْ سرقَ النهارَ

وباع أحلامَ البطولةِ

واقتسِمْ خُبزَ الختامِ

وكأسك الَّلا بعدها

مع مَنْ يُتاجر في دموعِ الأبرياءِ*

وهذا ما دفع الشاعر الحداثي إلى تحمل مسؤولية جديدة، بحيث لم يعد صوت القصيدة الأوحد الذي به توجد لتلقى من قبله سواء كان حيا أو ميتا، لقد أضحت القصيدة صاحبة صوت هو صوتها هي، هي التي تبنيه من خلال الأصوات المتعددة التي تشكل كيانها، وبهذا تشكلت لأول مرة تشكلا دراميا مفتوحا، غير أن دراميتها هذه شعرية بامتياز تقدم كل شيء بصورة غير كاملة: ينقصها الحدث المتكامل والحكي المتكامل والحوار المتكامل واللغة المتكاملة.

يقول الشاعر أشرف قاسم:

اقرأْ كتابكَ

عَلَّهُ سيكون آخرَ

ما سيحملُه البريدُ !*

لهذا السبب وجد الشاعر العربي الحداثي نفسه في حاجة ماسة ليس إلى الوزن فقط، بل إلى الإيقاع أيضا، وليس إلى الاستعارة وحدها، بل إلى الرمز والأسطورة أيضا؛ ليتكلم كلاما شعريا خالصا ” لا يمكن قوله بشكل آخر “[10].

ويظهر هذا في قول الشاعر أشرف قاسم حيث يقول:

وطنٌ بِلونِ الحزنِ

يسكن أُفْقَنا

وسلاسلُ اليأْسِ المحيطِ تَغُلُّنا

والظامئون – الآن دون إرادةٍ –

لعقوا التراب – نِكايةً –

مات الوليُّ

فكيف يحتمل المُريدُ ؟*

إنه القول الشعري الذي يمرره عبر شخوصه الظاهرة أحيانا، الغائبة أحيانا أخرى، وبعودته إلى الرمز والأسطورة دار دورة كاملة؛ لينتقل من الكتابة باللغة من حيث هي ” زمن بعدي اصطلاحي ” إلى الكتابة بالكلام من حيث هو ” زمن بدئي “[11]

وفي قوله الآتي أيضا تمظهر استخدام الأسطورة مقتبسا قوله تعالى الذي وجهه لمريم البتول:

فهُزّ جذْعَ النخلةِ العجفاءِ*

[1] - جون كوهن : " بنية اللغة الشعرية " ت. محمد الولي ومحمد العمري، دار توبقال  للنشر، ط: 1، س : 1986، ص: 155.

[1] - أمينة غصن: " كونية الأسطورة وتحولات الرمز " مجلة الفكر العربي المعاصر، ع: 13، س: 1981، ص: 94.
وبهذه العملية حافظ للشعر على شعريته أي على مطلقه الأسطوري دون أن يفرط في البناء الفني المعقد الذي يفرضه منطق الحداثة المعقد ومنطق الواقع الموضوعي الأكثر تعقيدا. وهكذا دخل في علاقة جدلية مع الواقع ومع اللغة، فبالرمز حول اللغة في مستواها الأول فبدت انحرافا، وبالأسطورة حولها في مستواها الثاني فبدت انحرافا مضاعفا يصلح أن ننطلق منه لنعيد تفسير لغتنا التي ابتعدنا عنها إلى الأبد.
ويشير عز الدين إسماعيل إلى أن: "الدراما تعني في بساطة وإيجاز الصراع والتفكير الدرامي الذي لا يسير في اتجاه واحد، وإنما يأخذ دائما في الاعتبار أن كل فكرة تقابلها فكرة، فإذا كانت الدراما تعني الصراع، فإنما تعني في الوقت نفسه الحركة من موقف إلى موقف، ومن فعل قائم بذاته داخل حركة النص الشعري نفسه"، وهذا ما أشار إليه في قوله: "إن الشعر العربي قد أخذ يتطور في القرن العشرين تطورا ملحوظا نحو المنهج الدرامي. وليس هذا يعني كتابة الأعمال الدرامية الشعرية كمسرحيات شوقي، لأن المسرحية عملية درامية بالضرورة سواء أكتبت شعرا أم نثرا، وإنما يعني تطور القصيدة من الغنائية إلى القصيدة الفكرية التي تتمثل في القصيدة الدرامية"[12]، فتصبح القصيدة اليومية درامية بالأساس، لأنها تخلت عن جانبها الغنائي الذاتي، وانطلقت بقوتها الفنية وصراعاتها اليومية إلى الدراما، والتعبير عن تغيرات إنسانية كبيرة، كانت قد حدثت في مطلع الألفية الجديدة.

وقد تمز الشاعر اشرف قاسم بانزياحاته الشعرية المثيرة، فتلقت استجابة ايجابية من طرف المتلقي المتذوق للشعر والابداع.

لدى قراءتنا لهذه القصيدة نستشعر قدرة الشاعر  أشرف قاسم على ايصال صوته، والتعبير عن مكنونات النفس البشرية، بأسلوب رائع، احسن فيه استخدام لغة الانزياح والتخييل، كما أحسن اختيار العنوان الذي يعتبر العتبة الأولى للنص الشعري ىوري لفك شيفرات النصوص:

  • قصيدة هذا مقام الصابرين لأشرف قاسم:

هذا مقام الصابرين

لكَ ما تريدُ

أكتبْ وصيتك الأخيرةَ

لي سؤال واحدٌ

مَنْ ذا سيقرأُ ما ستكتبُ ؟

لا تخفْ

قُل ما تُريدُ

[1] - عز الدين إسماعيل: الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية ص 279.

بِيَدٍ أثار رُعاشها

صمتُ القبورِ

وجوقةُ التهليلِ

حاول أن تكون محايدًا

في ما ستكتبُ

وابتسِمْ

في وجه مَنْ سرقَ النهارَ

وباع أحلامَ البطولةِ

واقتسِمْ خُبزَ الختامِ

وكأسك الَّلا بعدها

مع مَنْ يُتاجر في دموعِ الأبرياءِ

اقرأْ كتابكَ

عَلَّهُ سيكون آخرَ

ما سيحملُه البريدُ !

==============

هذا نُثارُ دِماكَ

فوق أجندةِ الأيامِ

وِجهتُكَ السَّرابُ

وطعمُ أيامِ الأسى مُرٌّ

وعِيدُكَ ؟

لم يعُدْ يأتيكَ عيدُ !

وطنٌ بِلونِ الحزنِ

يسكن أُفْقَنا

وسلاسلُ اليأْسِ المحيطِ تَغُلُّنا

والظامئون – الآن دون إرادةٍ –

لعقوا التراب – نِكايةً –

مات الوليُّ

فكيف يحتمل المُريدُ ؟

دعْ غنوةَ الأحلامِ

واصرخْ

صرخةَ الجوْعَى

لأجْلِ رغيفِهم

واسْقِ الصباحَ بدمعةٍ

فَلَرُبَّما طلعَ الصباحُ بشمسِه

وهناك ينقشع الجليدُ !

واعزفْ مع الريحِ العصِيَّةِ

لحنَها

واقرأْ لها سِفْرَ التمردِ

مِن كتاب شجوننا

واضبطْ على إيقاعِها

إيقاعَ لحنِكَ

غامر الآنَ

استَثِرْ

ثُرْ

كلنا نبغي انفلاتًا

مِن إسارِ الخوف والإحباطِ

يسمعُ صوتنا

الأملُ البعيدُ !

هذى قيودُكَ

أعلنَتْ عِصيانَها

ارتجفتْ أناملُكَ

اسْتُثِيرَتْ

فانتفضْ

أَشْهِرْ صُكُوكَكَ

أنت حرٌّ..!

كيف تقبلُ

أنْ تعيشَ مُهَمَّشًا

ويدوسَ هامتَكَ

العبيدُ ؟

============

هذا مقامُ الصابرين

اسْتَنْزَفَتْهُمْ

رحلةٌ طالتْ

وأدماهم أسىً

سكن القلوبَ

 

وعانقَ الأحشاءَ

أعلنَ

” أنتم الفقراءُ

كلكمُو شهيدُ ” !

حتَّامَ نرحل نحو أُفْقٍ معتمٍ ؟

يَسَّاقط الليلُ الذي لا ينقضي

كِسَفًا على هاماتِنا

نُفضي بِسِرِّ عرائِنا للريحِ

يلفِظُنا الطريقُ

ويقتفي خَطْو اليتامى في دروب عذابهم

ناىٌ حزينُ الصوتِ

منعزلٌ .. وحيدُ

أُرجوحة الوقت استباحت فجرَنا

كُلُّ الدروبِ – الآن نحو النورِ –

غيرُ ودودةٍ

فلِمَ انتظارُكَ ؟

أطلق – الآن – الحمامَ

على الربوعِ

لتعلن الدنيا قيامةَ موتِنا

هذا يقينُ المؤمنين

وإنْ يكن في عصرنا

لفَّ اليقينَ جحودُ !

هذا العشاءُ هو الأخيرُ

اجمع تلاميذًا

شدوا بنشيدِ مجدِكَ

لا مكان لخائنٍ

واقرأْ عليهم

ما تيسر من كتاب صباحهم

ولْتقتسم معهم

رغيفَ عذابِهمْ

واكتب على أزنادهم

” هذا دمي

إنْ سال مني

هل سينكره الوريد ” ؟

=============

هذا مقام الصابرين

فهُزّ جذْعَ النخلةِ العجفاءِ

أيقظْ قلبها

واسقِ العروقَ من الدموعِ

لعلها

– يومًا –

تساقِط فوق رأسِكَ

ذلك الرُّطَبَ الجني

فتعلن البعثَ الجديدَ

ويُفتَحُ

البابُ

الوصيدُ !!!

 

الدراسة منشورة ضمن سلسلة رؤى نقدية الصادرة عن مؤسسة النيل والفرات للطبع والنشر.

قائمة المصادر والمراجع:

أحمد عثمان: الأدب الإغريقي تراثًا إنسانيا وعالميًا، ط 2، 1998.

– ابن سيناء: ” تلخيص فن الشعر ” أورده محمد العمري في مقالته ” تلخيص الكليات في قراءة الشعر” مجلة: فكر ونقد. المغرب ع : 8 س : 1988.

– مقالات في النقد الأدبي ” أورده عبد الله راجع في كتابه: ” القصيدة المغربية المعاصرة: بنية الشهادة والاستشهاد “.

– محمد السرغيني: الشعر والتجربة، بتصرف. مجلة الوحدة: م. س ص.

– أحمد المعداوي: ” أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث “، منشورات دار الآفاق الجديدة، المغرب، س : 1993، ص:56.

– نازك الملائكة: م. س، ص: 213

– محمد المهدي المقدود: ” في تكوين شعرية النص المكتوب ” مجلة الوحدة، م. س.

– جون كوهن : ” بنية اللغة الشعرية ” ت. محمد الولي ومحمد العمري، دار توبقال  للنشر، ط: 1، س : 1986.

– أمينة غصن: ” كونية الأسطورة وتحولات الرمز ” مجلة الفكر العربي المعاصر، ع: 13، س: 1981.

– عز الدين إسماعيل: الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية.

 

[1] – أحمد عثمان: الأدب الإغريقي تراثًا إنسانيا وعالميًا، ط 2، 1998.

[2] –  أحمد عثمان. الأدب الإغريقي تراثًا ومسرحًا.

[3] – المرجع نفسه.

[4] – ابن سيناء: ” تلخيص فن الشعر ” أورده محمد العمري في مقالته ” تلخيص الكليات في قراءة الشعر” مجلة: فكر ونقد. المغرب ع : 8 س : 1988، ص : 101 وما بعدها .

[5] – مقالات في النقد الأدبي ” أورده عبد الله راجع في كتابه: ” القصيدة المغربية المعاصرة: بنية الشهادة والاستشهاد ” ص: 198.

[6] – محمد السرغيني: الشعر والتجربة، بتصرف. مجلة الوحدة: م. س ص: 133.

[7] – أحمد المعداوي: ” أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث “، منشورات دار الآفاق الجديدة، المغرب، س : 1993، ص:56.

[8] – نازك الملائكة: م. س، ص: 213 وما بعدها.

[9] – محمد المهدي المقدود: ” في تكوين شعرية النص المكتوب ” مجلة الوحدة، م. س، ص: 99.

[10] – جون كوهن : ” بنية اللغة الشعرية ” ت. محمد الولي ومحمد العمري، دار توبقال  للنشر، ط: 1، س : 1986، ص: 155.

[11] – أمينة غصن: ” كونية الأسطورة وتحولات الرمز ” مجلة الفكر العربي المعاصر، ع: 13، س: 1981، ص: 94.

[12] – عز الدين إسماعيل: الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية ص 279.

 

Visited 24 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه