ترامب وخفض قيمة الدولار: معركة البيت الأبيض الجديدة لإنعاش الاقتصاد الأمريكي

ديون أمريكا الضخمة.. هل يخاطر ترامب بمستقبل السندات الحكومية؟

0 126

كتبت:سارة غنيم

منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل أقل من شهر، لم يعلن دونالد ترامب صراحة عن خطته لخفض قيمة الدولار، لكن تحركاته تعكس نواياه بوضوح. في ظل حملة انتخابية شهدت معارضة عالمية واسعة، يجد الرئيس الأمريكي نفسه الآن في مواجهة تحدٍ اقتصادي كبير، بينما يسعى لتنفيذ وعوده بإعادة التوازن إلى الميزان التجاري للولايات المتحدة.

خفض قيمة الدولار لدعم الصادرات الأمريكية

خلال الأشهر الأخيرة، شهد الدولار الأمريكي ارتفاعًا بنسبة 10% تقريبًا، في الوقت الذي خفّض فيه مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بنسبة 1%. إلا أن هذا الاتجاه لا يتماشى مع رؤية ترامب، الذي يسعى جاهدًا للحد من العجز التجاري الأمريكي الضخم، والذي تجاوز 1000 مليار دولار. قوة الدولار تُعيق تنافسية الصادرات الأمريكية، ما دفع ترامب إلى التلميح إلى ضرورة خفض قيمته.

نظريًا، يمكن تحقيق ذلك عبر خفض أسعار الفائدة إلى الصفر، ما سيدفع رأس المال للخروج من الولايات المتحدة، لكن القرار بيد الاحتياطي الفيدرالي، الذي يتمتع باستقلالية عن الحكومة. ومع ذلك، يواجه البنك المركزي معضلة تضخم مستمر، أجبره في يناير الماضي على تعليق خفض أسعار الفائدة.

وفي هذا السياق، كشف وزير الخزانة سكوت بيسنت مؤخرًا عن خطة بديلة: العمل على خفض عوائد السندات لأجل 10 سنوات. إلا أن تنفيذ هذا التوجه يعتمد أيضًا على آليات السوق، ما يضع الإدارة الأمريكية أمام تحدٍ إضافي.

أمريكا في مواجهة جبل من الديون

تواجه الولايات المتحدة وضعًا ماليًا معقدًا، إذ يبلغ الدين العام أكثر من 36 تريليون دولار، منها 28.5 تريليون دولار مستحقة على شكل سندات خزينة. وبحلول عام 2025، سيحلّ موعد سداد ما يقارب 3 تريليونات دولار من هذه السندات، يُضاف إليها عجز مالي إضافي يقدّر بـ 2 تريليون دولار، ما يعني أن الأسواق المالية ستواجه طلبًا غير مسبوق لتمويل 5 تريليونات دولار من الديون الأمريكية.

هذه الأرقام تعكس مدى اعتماد وزارة الخزانة على المستثمرين الأجانب، الذين يحتاجون إلى الثقة في استدامة الدين الأمريكي وقوة الدولار. ومع ارتفاع نسبة الدين إلى أكثر من 120% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن أي انخفاض حاد في قيمة العملة الأمريكية قد يزيد من تردد المستثمرين، ويؤدي إلى ارتفاع عوائد السندات، ما يزيد من تكلفة الاقتراض الحكومي.

مأزق ترامب: خفض قيمة الدولار دون زعزعة الأسواق

مع استمرار الأسواق في مراقبة تحركات البيت الأبيض بحذر، يواجه ترامب تحديًا كبيرًا: كيف يمكنه خفض قيمة الدولار دون تعريض استقرار سندات الخزانة للخطر؟ تحتاج إدارته إلى تدخل سريع ومؤثر، وليس مجرد إجراءات تدريجية قد تستغرق شهورًا.

الحل الوحيد قد يكمن في “صدمة اقتصادية”، حيث يمكن لترامب الرهان على مصداقية بنك الاحتياطي الفيدرالي عالميًا، والاستفادة من قاعدة “لا تقاتل الفيدرالي”، التي تحث المستثمرين على عدم الرهان ضد قرارات البنك المركزي الأمريكي. هذا السيناريو قد يؤدي إلى تراجع العوائد على السندات، وبالتالي انخفاض قيمة الدولار نتيجة تدفق رأس المال إلى الخارج.

سيناريو غير مضمون

رغم أن خفض قيمة الدولار قد يحفّز الصادرات الأمريكية، إلا أن نجاح الخطة غير مضمون. الأسواق المالية قد تتجاوب بشكل مختلف، وقد تؤدي أي خطوة غير محسوبة إلى ارتفاع التضخم، ما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي.

في النهاية، يواجه ترامب تحديًا مزدوجًا: إعادة التوازن للاقتصاد الأمريكي، دون أن يعرّض استقرار الأسواق للخطر. الأيام القادمة ستكشف ما إذا كان سيتمكن من تحقيق هذه المعادلة الصعبة.

Visited 8 times, 1 visit(s) today
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق