“أرواح في المدينة”.. رحلة عبر ذاكرة المصريين وثقافتهم الرمضانية “فيديو”
بقلم: د. أمل درويش
يؤمن الباحث والكاتب الصحفي محمود التميمي بأن التاريخ ليس مجرد آثار حجرية، بل هو نبض البشر وهمساتهم التي حُفرت في ذاكرة الزمن. وانطلاقًا من هذا الإيمان، أسس مشروعه الثقافي “القاهرة عنواني”، الذي يهدف إلى حفظ الذاكرة الوطنية وتوثيق الأنشطة الاجتماعية والثقافية للمصريين على مدار القرنين الماضيين.
وفي إطار هذا المشروع، عُقدت الليلة الثامنة والثلاثون من سلسلة “أرواح في المدينة” في منتدى مدينتي الثقافي، بحضور جماهيري كبير، وبرعاية الأستاذ زياد الشاذلي، مدير المركز الثقافي بمدينتي.
كيف احتفل المصريون برمضان عبر التاريخ؟
حملت الأمسية عنوان “كيف احتفل المصريون بشهر رمضان عبر تاريخهم؟”، حيث استعرض التميمي تسجيلات نادرة لأصوات المقرئين والمقرئات في بدايات القرن الماضي، مسلطًا الضوء على الشيخة سكينة حسن ذات الصوت العذب، والشيخة منيرة عبده التي كانت من رواد الإنشاد الديني ولها تسجيلات محفوظة حتى اليوم في أرشيف راديو لندن.
كما كشف عن الدور الكبير الذي لعبته المرأة في تلاوة القرآن الكريم بمصر، حيث أتقنت بعضهن القراءات العشر، وكان لهن حضور بارز في المناسبات الدينية والمآتم.
إلا أن منافسة المقرئات للرجال أثارت جدلًا واسعًا، مما دفع بعض الشيوخ إلى استصدار فتوى من مفتي الديار المصرية بمنعهن من التلاوة الجهرية والإذاعية، وهو الحظر الذي استمر حتى عام 2009 حينما طالب الشيخ أبو العنين شعيشعبمراجعته.
مقامات الأولياء وذاكرة المكان.
لم تقتصر الليلة على المقرئين فقط، بل تطرقت إلى ارتباط المصريين بأضرحة الأولياء الصالحين، حيث تناول التميمي قصة “مقام الست صفية” بجوار سجن الاستئناف، والذي كان ملاذًا للسجناء الذين أقاموا فيه حلقات ذكر وابتهالات. كما روى قصة محاولة هدمه، والتي باءت بالفشل رغم انهيار المباني المحيطة به.
رمضان في الإعلانات والدراما
استعرض التميمي صورًا قديمة للإعلانات الرمضانية، التي عكست أسلوب الحياة والموروثات الثقافية، مثل إعلانات المشروبات الغازية، والساعات، والهدايا الرمضانية.
كما سلط الضوء على الدراما الرمضانية، متوقفًا عند مسلسل “أرابيسك”، الذي كتبه أسامة أنور عكاشة وجسّد من خلاله الفنان صلاح السعدني ملامح الشخصية المصرية في مواجهة التحولات الثقافية.
الإنشاد الديني وتأثيره الروحي
لم يخلُ اللقاء من الحديث عن تأثير الإنشاد الديني في تغذية الروح، حيث استُعرضت تجربة الفنان عبد الحليم حافظ في الأدعية الدينية، مثل “أدعوك يا سامع دعايا”، وكذلك تجربة أم كلثوم في الإنشاد الديني وارتجالاتها مع الفرق المغربية.
ختام على إيقاع المسحراتي
اختُتمت الليلة بصوت المسحراتي، ليكون مسك الختام لأمسية رمضانية حملت عبق التاريخ وروح الأصالة، وسلطت الضوء على تفاصيل ماضية لا تزال حية في وجدان المصريين.
اقرأ أيضا:
“سفراء التسامح”.. قصة تفاعلية تدمج الأدب بالفن لتنمية وعي الأطفال