0 19

في تطور علمي جديد يسلط الضوء على أسرار العمر المديد، كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة GeroScience أن الأشخاص الذين تجاوزوا المئة عام يشتركون في نمط فريد من المؤشرات الحيوية في الدم يميزهم عن أقرانهم الذين لم يعمّروا طويلاً.

البحث الذي استند إلى تحليل بيانات أكثر من 44 ألف شخص في السويد على مدى 35 عامًا، أظهر أن المعمرين يمتازون بملف دموي أكثر استقرارًا وتوازنًا في مؤشرات حيوية ترتبط بعمليات التمثيل الغذائي والالتهابات ووظائف الكبد والكلى.

مؤشرات حيوية محددة تميز المعمرين

قام الباحثون بتحليل 12 مؤشرًا حيويًا في الدم، منها ما يتعلق بمستويات الجلوكوز، الكرياتينين، حمض اليوريك، الحديد والكوليسترول. وتبين أن المعمرين سجلوا مستويات أقل من المعتاد في الجلوكوز، الكرياتينين، وحمض اليوريك – وهي مؤشرات ترتبط عادةً بأمراض القلب والتمثيل الغذائي.

وعلى عكس ما هو شائع، لم تكن القيم المثالية أو المنخفضة جدًا في هذه المؤشرات مؤشرًا إيجابيًا، بل أظهرت الدراسة أن الاستقرار في المعدلات المتوسطة كان الأكثر ارتباطًا بطول العمر. على سبيل المثال، رُبطت المستويات المنخفضة جدًا من الكوليسترول والحديد بانخفاض فرص بلوغ عمر المئة.

التنظيم لا المثالية هو المفتاح

أحد أبرز استنتاجات الدراسة هو أن سر العمر الطويل لا يكمن في امتلاك “قيم مثالية”، بل في قدرة الجسم على الحفاظ على توازن مستقر لهذه القيم الحيوية مع مرور الزمن. فالمعمرون نادرًا ما كانت لديهم نتائج بيولوجية متطرفة، بل ظلوا ضمن النطاقات الطبيعية لأغلب المؤشرات، ما يعكس تنظيمًا فسيولوجيًا فعّالًا لعمل الجسم.

عوامل أسلوب الحياة قد تلعب دورًا حاسمًا

رغم أن الجانب الوراثي يظل عاملًا مهمًا، إلا أن الباحثين أكدوا أن الجينات وحدها لا تفسر هذا التفوق البيولوجي. لم تتمكن الدراسة من تتبع أنماط الحياة الخاصة بالمشاركين بشكل مباشر، إلا أن الباحثين رجّحوا أن العادات اليومية مثل التغذية المتوازنة، تقليل استهلاك الكحول، ومهارات إدارة التوتر، تلعب دورًا بارزًا في الحفاظ على توازن المؤشرات الحيوية.

كما أشارت الدراسة إلى أن هذا التوازن يبدأ بالظهور مبكرًا – قبل سن الخامسة والستين – ما يعني أن رحلتنا نحو الشيخوخة الصحية لا تبدأ في الكِبر، بل هي نتيجة تراكم لعقود من الممارسات الصحية والاستقرار البيولوجي.

خلاصة

هذه النتائج تفتح آفاقًا جديدة في علم الشيخوخة، وتؤكد أن الوصول إلى سن المئة ليس مجرد صدفة جينية، بل انعكاس لتوازن داخلي طويل الأمد. إنه تذكير قوي بأن العناية بالجسم ليست سعيًا وراء “القيم المثالية”، بل فن الحفاظ على الانسجام الداخلي على مر الزمن.

اقرأ أيضا:
“دراسة علمية: النساء النشيطات جنسيًا قد تمتلك أدمغة أكثر تطورًا”

Visited 2 times, 2 visit(s) today
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق